رفع عناصر حرس الحدود من وتيرة المراقبة للشريط الحدودي الغربي للبلاد، خاصة في المسالك البرية المعروفة بكونها ملاذا مفضلا لشبكات تهريب المخدرات والوقود بين الجزائر والمغرب، من خلال الاستعانة بسلاح الجو وطائرات الاستطلاع لمراقبة حركة المهربين، وتدعيم المنشأة الهندسية المتمثلة في توسيع حفر الخنادق بطول 170 كلم، في إجراءات مراقبة
لم تعشها المنطقة الحدودية منذ سنة 1994 تاريخ غلق الحدود البرية بين البلدين.
صار سكان القرى والمدن من إقليم وجدة المغربية مثل “بني درار” و«أولاد صالح” و«أولاد علي”, يشعرون ولأول مرة بأن الحدود قد أصبحت مغلقة. ووفق الأصداء الواردة من المنطقة، فليس من الطبيعي أن تصادف سيارة أو سيارتين فقط بمحطة لتوزيع الوقود في بلدية السواني، على بعد عشرين كلم من مدينة مغنية، للتعبئة مع وفرة للوقود, بعد تلك الصورة المعهودة عن الطوابير الطويلة التي كان يصنعها عناصر شبكات “الحلابة” من محترفي تهريب الوقود.
إجراءات الجيش تحيل آلاف “الحلابة” على البطالة
مكنتنا الزيارة التي قمنا بها إلى مناطق التهريب من “بوكانون” إلى “باب العسة” و«لالة عيشة”، ومن “سيدي بوجنان” إلى “السواني” و«مرسى بن مهيدي” و«القيطون”، من الوقوف على حجم الحصار المفروض على شبكات التهريب، وهو الانطباع الذي أوحى لنا بأن الحدود أصبحت فعلا مغلقة، وأدت بالآلاف من عناصر شبكات الحلابة للدخول في بطالة، وأن تحكم الجيش والترقب والقلق هي الميزات الجديدة للوضع في الحدود الغربية.
فببلدة “بوكانون” التابعة لبلدية مسيردة المقابلة لمدينة “أحفير” المغربية، كان لنا موعد مع بعض الشباب بأحد المقاهي للحديث عن انشغالاتهم اليومية وواقع المنطقة الحدودية، فقال لنا أحدهم: “الله غالب، الحدود مغلقة وقد دخلنا رسميا في بطالة”. ومن أعالي بلدة باب العسة مرورا بقرية لالة عيشة، تبدو الأراضي المغربية والسياج السلكي المكهرب المنجز من طرف قوات المخزن، وبمحاذاته الخندق الذي تشرف مصالح الجيش الجزائري على توسعته إلى ثمانية أمتار عرضا، تلمح بالعين المجردة بعض حرس الحدود الجزائري الذين يقومون بدوريات راجلة للمراقبة.
أحد شباب القرية وجدناه منهمكا في أشغال للبناء، قال إنه اضطر للعمل اليدوي بعد استحالة الاستمرار في تهريب ونقل الوقود نحو التراب المغربي، مضيفا: “مستحيل المرور.. المراقبة تتم ليل نهار وحتى الطائرة تجوب المكان بطريقة مفاجئة..”.
السلع المغربية تختفي من محلات الجزائريين
كما اختفت بعض السلع المغربية التي كانت تباع في المحلات التجارية بالمنطقة، فبقرية سيدي بوجنان على الطريق الوطني، بدت المحلات التجارية فارغة من المتسوقين، واختفى باعة البرتقال المغربي من قارعة الطريق. وقال لنا أحد كبار التجار بسيدي بوجنان: “لو يستمر الوضع على هذه الحال سيفلس الكثير من أصحاب المطاعم والمقاهي، وسيضطرون لانتظار موسم الاصطياف لجمع قوت أبنائهم”، في إشارة إلى ملايين المصطافين الذين يقصدون البلدة باتجاه مدينة مرسى بن مهيدي الساحلية صيفا، يقول لنا وهو يستظهر قرارا ولائيا موقعا من قبل والي تلمسان منذ سنة 2014، يخص تعويض ملاك الأراضي الفلاحية الذين عبرت أراضيهم مشاريع الطريق المزدوج الرابط بين مغنية ومرسى بن مهيدي، وقناة نقل مياه البحر من محطة سوق الثلاثاء، قبل أن يضيف: “إلى غاية هذا التاريخ لم تنفذ الخزينة العمومية قرار التعويض لصالح الفلاحين”.
صد للمخدرات المغربية والسكان يستحسنون الأمر
كما استبشر الكثير من سكان المنطقة خيرا بالإجراءات المشددة والمتخذة من قبل الجيش الجزائري، وما يترتب عن ذلك من وقف تدفق أطنان السموم من المخدرات من “الكيف” والكوكايين والمهلوسات القادمة من المغرب، وهذا رغم الكميات التي تحجزها مصالح الأمن من حين لآخر, مقابل تهريب أطنان المواد المدعمة المهربة من الجزائر مثل الوقود والأدوية والمواد الغذائية. -