لا تقتصر متاعب الجزائر على الانخفاض الحاد لسعر البترول، بل أن سعر الغاز أيضا يعرف تراجعا معتبرا، منذ سنة، وفقد سعر الغاز الطبيعي حوالي نصف قيمته في ظرف ثمانية أشهر، وأكثر من ذلك في ظرف سنة، ليشكل معضلة حقيقية بالنسبة للجزائر، لاسيما وأن إيرادات الغاز تمثل أكثر من 40 في المائة من إجمالي مداخيل الجزائر من المحروقات.
تكشف تداولات البورصات العالمية في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا، عن تطورات سلبية لسعر الغاز، وهو ما تؤكده أرقام الوكالة الأمريكية للطاقة أيضا، حيث بلغ سعر الغاز، أمس، 2,676 دولار لمليون وحدة حرارية، مقتربا من أدنى مستوى له منذ بداية 2008، وفقد سعر الغاز قرابة دولارين في أقل من سنة، حيث كان يبلغ 4,412 دولار في تداولات 7 نوفمبر، وبلغ 4,007 دولار في الفاتح ديسمبر مقابل 4,398 دولار في 26 نوفمبر.
يأتي ذلك في وقت تتوقع كتابة الدولة للطاقة الأمريكية عدم تسجيل أسعار الغاز ارتفاعا هذه السنة، على غرار البترول، على خلفية التطور الكبير لإنتاج الغاز الصخري، بل أن متاعب الجزائر ستتضاعف أيضا على خلفية إعلان الولايات المتحدة العودة إلى تصدير الغاز الطبيعي المميع، وبالتالي مزاحمة أهم البلدان المصدرة مثل قطر وروسيا والجزائر أيضا.
ورغم اعتماد الجزائر على العقود متوسطة وطويلة الأجل بالنسبة للغاز الطبيعي المميع، فإن تقلبات الأسعار تدفع الشركات المتعاقدة مع الجزائر إلى الضغط عليها لمراجعة الأسعار، حيث يتم تسويق الغاز الجزائري بمعدلات تتراوح ما بين 10 و14 دولارا لكل مليون وحدة حرارية.ويعتبر الغاز أهم مادة طاقوية في تركيبة إيرادات الجزائر من المحروقات، حيث يمثل حوالي 41 في المائة من إجمالي الصادرات الجزائرية، بل إن الغاز يفوق حصة البترول الخام التي تقدر بـ38,4 في المائة من مجموع الصادرات الجزائرية من المحروقات.
وسجلت أسعار التعاقدات الآجلة انخفاضا متواصلا خلال السنة الحالية، بلغ نسبة 30 في المائة، لتعرف أكبر تراجع خلال شهري جويلية وأوت، حيث يتأثر الغاز بتقلبات أسعار النفط وبسعر صرف الدولار.
وتتأثر الجزائر بتقلبات الغاز الطبيعي، حيث أضحى السوق يعرف منافسة كبيرة، لاسيما مع تطوير قطر لإنتاجها من الغاز الطبيعي المميع، فضلا عن سياسات الأنابيب المنتهجة من قبل روسيا، يضاف إليها تطوير الولايات المتحدة للغاز الصخري وتخليها عن الاستيراد وتوسع دائرة نشاط السوق الحرة “سبوت”.علما أن الجزائر كانت تصدر ما بين مليار وملياري متر مكعب إلى السوق الأمريكية.
هذه العوامل، أضيف إليها تذبذب الصادرات الجزائرية التي كانت تفوق 63 مليار متر مكعب لتنحسر إلى حدود 55 مليار متر مكعب، علما أن تركيبة حساب الغاز ودرجة ارتباطه بأسعار النفط تغيرت خلال الفترة الأخيرة، وإن ظل اعتماد العقود متوسطة وطويلة الأجل قائما، إلا أن تقلبات أسعار الغاز تبقى مؤثرة مع تدني أسعار البترول، فقد ظل سعر الغاز الطبيعي المميع مرتبطا بأسعار النفط، حيث يحسب برميل النفط بـ159 لتر وبـ5,8 مليون وحدة حرارية بمعدل البرميل بالنسبة للغاز. وعليه، فحينما كانت الأسعار تفوق 100 دولار للبرميل، فإن سعر مليون وحدة حرارية من الغاز كان يتراوح ما بين 16 و18 دولارا تقريبا، لكن مع تدني أسعار النفط إلى مستويات قياسية، فإن أسعار الغاز الطبيعي أيضا عرفت نفس المنحى، علما أن استهلاك الغاز الطبيعي يقاس بـ1 مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو يعادل 28,26 متر مكعب غاز. واستنادا إلى الإحصائيات الرسمية، فإن الغاز الطبيعي يمثل 20,3 في المائة من إيرادات المحروقات مقابل 9,5 في المائة للغاز الطبيعي المميع، بينما تمثل المكثفات “الكوندونسا” نسبة 7,6 في المائة.