لكن ورغم مرور كل هذه الفترة الزمنية وتمكّن الجزائر من تحقيق بحبوحة مالية طيلة السنوات الماضية، إلا أن دار لقمان بقيت على حالها، وكأن عدد فقراء الجزائر لا يريد أن يختفي، لتصبح قفة رمضان رمزا للعوز الاجتماعي والإهانة، وأيضا مصدر ثراء للجشعين.
قفة رمضان تتحوّل من “إعانة إلى إهانة”
اصطفاف المحتاجين في طوابير طويلة أمام البلديات رمز للطبقية
تحوّلت عمليات توزيع قفة رمضان إلى مناسبة للتباهي في صرف ملايين على سميد وزيت وسكر يقدم للفقراء، حيث تتسابق وزارة التضامن والبلديات والهلال الأحمر وجمعيات المجتمع المدني، وحتّى رجال أعمال، في استعراض كمّ وعدد المساعدات التضامنية، رغم أنّ الوضع لا يعني إلا اعتّرافا بأنّ الفقر والحاجة بات ظاهرة غير صحية داخل المجتمع.
تسارع الحكومة إلى الإعلان عن إجراءات استعجالية لتوزيع هذه الإعانات، وعدد مستحقيها. فبينما تحدد وزارة التضامن عدد العائلات المعوزة بمليون و700 ألف فقير، الذين يحتاجون إلى مساعدات عن طريق طرود غذائية بقيمة تصل إلى 6 آلاف دينار جزائري، تشكك جمعيات المجتمع المدني في هذه الأرقام، وتعتبر أن الرقم ضئيل وعدد الفقراء في الجزائر مضاعف ويتجاوز بكثير أرقام الوصاية.
وترفض إبقاء الحكومة على صيغة “قفة رمضان” كآلية لمساعدة المحتاجين خلال شهر رمضان، لما عرفته التجربة خلال السنوات الماضية من عمليات اختلاس وتلاعب في قيمة هذه القفة، ووصولها إلى بعض المحتاجين متأخرة. وقد سبق لسعيدة بن حبيلس، رئيس هيئة الهلال الأحمر الجزائري، أن اعتبرت “قفة رمضان” بمثابة إهانة للمواطن الجزائري، فقد أكدت “لن نسمح بأن تمس كرامة الجزائري من خلال تكريس مظاهر الطبقية بالمجتمع، عن طريق اصطفاف المحتاجين في طوابير طويلة أمام البلديات، الأمر الذي يخدش كرامة وعزة العائلات المحتاجة”.