شهدت، أمس، سوق "السكوار" بالعاصمة، تكثيفات أمنية لعناصر الشرطة، الذين كانوا يراقبون عن كثب التعاملات بين تجار العملة الصعبة غير الشرعيين والمواطنين، وبالرغم من أن السوق كانت مليئة بالصرافين منذ الساعات الأولى لنهار أمس، والذين لم يحملوا أموالا بجعبتهم، واكتفوا بضرب مواعيد للراغبين في البيع والشراء داخل السيارات والمقاهي، إلا أن تشديد الرقابة الأمنية منعهم من ممارسة نشاطهم بطريقة عادية
وأرجع هؤلاء مضاعفة عناصر الشرطة يوم السبت، إلى أن العطلة الأسبوعية تشهد إقبالا كبيرا من طرف الزبائن، نافين أي علاقة بين التكثيفات الأمنية والتعديل الحكومي، وطالب صرافو "السكوار" الذين تحدثوا إلى "الشروق" وزير المالية الجديد، بالتعجيل في الإفراج عن حل لمشكلتهم، من خلال فتح مكاتب صرف وتقنين عملية البيع والشراء، إضافة إلى إرجاع الأموال المحتجزة لأصحابها، خاصة وأن عبد الرحمن بن خالفة سبق وأن صرح كخبير في المالية وتحديدا قبل يومين من تنصيبه وزيرا، بأن "مكاتب الصرف باتت ضرورة لا مفر منها اليوم، ولم يبق إلا ترسيم العملية وتحديد سعر العملة الصعبة، وهامش الربح الذي يستفيد منه الصرافون".
وقال الخبير الاقتصادي كمال رزيق لـ"الشروق": إن الحل الأمني لن يخرج الجزائر من مشكلة سوق الصرف الموازية، والتي انتقلت إلى البيوت والمحلات والهاتف والأنترنت والفايسبوك ووسائط أخرى، وإنما الحل يكمن في تقنين العملية، متسائلا عن سر عزوف الحكومة عن التصريح بفتح هذه المكاتب ومنح رخص لتجار العملة، بالرغم من أن ذلك مقنن رسميا في قانون القرض والنقد سنة 1990، كما أرجع المتحدث انخفاض قيمة الدينار إلى استمرار هذه السوق التي اعتبر أنها باتت المتحكم الوحيد في أسعار الصرف في الجزائر وباتت البورصة المعتمدة في ظل غياب بورصة فعالة في الجزائر.
وعن دور وزير المالية الجديد، عبد الرحمن بن خالفة، قال الخبير المصرفي كمال رزيق: إن وجهة نظر الوزير تختلف عن وجهة نظر الخبير، فالثانية تلزمه هو لوحده، في حين أن الأولى مرتبطة بإرادة الحكومة وتطبيق سياستها ورؤيتها للأمور والملفات.
وسبق لوزير المالية السابق محمد جلاب، أن أنكر أي علاقة له بسوق "السكوار" أو قرار منع الصرافين من البيع، مؤكدا أنه لم يصدر أي قرار بهذا الخصوص، وأكد رئيس جمعية البنوك بوعلام جبار لـ"الشروق"، أن ملف "السكوار" لا يزال غامضا وأن البنوك العمومية لم تتلق أي تعليمة على هذا المستوى، ولم تستقبل أي قرار يتعلق ببيع العملة الصعبة.
أموال "السكوار" المحجوزة تدخل الخزينة العمومية
نقلت الحكومة أموال صرافي "السكوار" المحجوزة خلال المداهمة التي قادت عناصر الأمن الشهر الماضي إلى سوق العملة الصعبة، بساحة بور سعيد بالعاصمة، إلى الخزينة العمومية، وأحيلت ملفات التجار الذين حجزت أموالهم إلى العدالة وتم التصرف مع المبالغ التي ضبطت بحوزتهم على أساس أنها "حرز" سلمت للعدالة.
وقال مصدر ذو صلة بالملف، إن هذه الأموال "من المستحيل أن تعاد إلى أصحابها وإنها دخلت الخزينة العمومية"، حيث تم حجز كميات منها بالأورو والدولار وأخرى بالدينار الجزائري، ووصف المصدر العملية بـ"القانونية جدا"، خاصة وأن التجار كانوا يمارسون نشاطا غير قانوني ودون تصريح من خلال المتاجرة بالعملة الصعبة في مكان عمومي.
هذا، وقدرت الأموال المحجوزة بـ"السكوار" خلال مداهمة شهر أفريل الماضي بـ 40 ألف أورو، أما الأموال المحجوزة بالدينار فرفض المصدر الإفصاح عنها.