الجواب:
الدنيا مجبولة على الكدر، هكذا خلقها بارئها، وجعلها دار محن وابتلاءات وجسر عبور للآخرة ، لم تصف حتى للأنبياء خيرة الخلق، ولم تعط عهدها لصغير ولا لكبير، تفرحك يوما لتحزنك أياما؛ ولا يزال ذلك دأبها أبدا، ودأب الناس فيها :
فمن منا لم تحدث عنده حالة من الحزن إثر ما نراه من البلايا التي تنزل بالمسلمين، يوما بعد يوم ؟ ومن منا لم تعزف نفسه عن الدنيا بما فيها، لما نسمعه أو نراه؟
لكن حينما يستمر هذا الشعور بالحزن والوحدة، أو اعتلال المزاج فيمنعنا من استمرار الحياة بشكل طبيعي، أو القيام بما يجب علينا من الواجبات ، أو أداء الحقوق لأصحاب الحقوق ، أو الغفلة عن نعم الله علينا ، وما يجب علينا من شكره عليها ، حينها ينتقل الحزن من الحال الطبيعي إلى حال الضعف ، والمرض الذي يحتاج إلى علاج !!
وليس أعظم علاجا لذلك من الصبر والتقوى ، وحسن الظن بالله رب العالمين ، والتوكل عليه ، وتفويض الأمور إليه ، وحسن اللجأ إليه في كل ملمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إذَا رَأَى الْمُنْكَرَ ، أَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ أَحْوَالِ الْإِسْلَامِ : جَزِعَ وَكَلَّ وَنَاحَ ، كَمَا يَنُوحُ أَهْلُ الْمَصَائِبِ ؛ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ هَذَا؛ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالثَّبَاتِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ ، وَأَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّ اَللَّهِ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ، وَأَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى ، وَأَنَّ مَا يُصِيبُهُ فَهُوَ بِذُنُوبِهِ ؛ فَلْيَصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ، وَلْيَسْتَغْفِرْ لِذَنْبِهِ ، وَلْيُسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّهِ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ".
ثانيا :
إذا تطورت حالة الحزن، وأدت بصاحبه إلى درجة من درجات الاكتئاب، فالأمر يحتاج، مع العلاجات الإيمانية، وحسن الصبر والتوكل على الله، وملازمة ذكره، إلى متابعة طبي ، عند أخصائي موثوق في علمه وأمانته .