من القصص الجميلة التي تروى عن حياة النبي موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام، أن صبياً جاءه يوماً يسأله أن يدعو ربه ليكون غنياً، لكن قبل ذلك سأله موسى عليه السلام: هل تريد أن يغنيك الله في الثلاثين الأولى من عمرك أم تغنى في الثلاثين الأخيرة؟ احتار الصبي وأخذ يفكر ويحسب ويفاضل بين الخيارين، حتى اطمأن قلبه إلى الاختيار الأول.. أن يكون غنياً في الثلاثين سنة الأولى من عمره، فقد أراد أن يستمتع بالمال والغنى في شبابه قبل هرمه، فدعى له موسى عليه السلام ربه أن يغني الصبي كما طلب في الثلاثين الأولى من عمره، واستجاب الله لدعوة نبيه، وبدأت أبواب الرزق تُفتح للصبي إلى أن صار غنياً ثرياً فاحش الثراء. وكلما تقدم الصبي في عمره كلما ازداد ثراءاً وغنى، وصار مشهوراً بحبه للخير ومساعدة الآخرين، حيث كان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، يعين الغير على كسب أرزاقهم ويعاونهم في كسب قوتهم ويدعم تجارتهم وأعمالهم إضافة إلى تعاطيه للخير ومعاونة المساكين والفقراء والمحتاجين. مرت الثلاثين الأولى من عمر الصبي، ودخل في الثلاثين الثانية، وموسى عليه السلام ينتظر الأحداث أن تقع ويرى كيف يذهب الثراء عن الصبي تدريجياً، لكن تمضي السنة والثانية والثالثة ولا جديد سوى أن الصبي الذي أصبح شاباً قوياً، يزداد غناً وثراء!! فسأل الله بأن الأعوام الثلاثين الأولى قد انقضت، ودخل الرجل في الثلاثين الأخرى، وهو يزداد ثراء، فما الأمر؟ فأجابه الرزاق الكريم وقال: وجدتُ عبدي يفتح أبواب رزقي لعبادي، فأستحييت أن أقفل باب رزقي إليه.. سبحان الله الكريم. هكذا الخير وهكذا العطاء وتلك هي الصدقة وآثارها الدنيوية قبل الأخروية.. إن الأفعال الإيجابية لا تنتج سوى الإيجابية وأحسن منها، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة تطفئ غضب الرب، وما نقص مال عبدٍ من صدقة.. إلى آخر الآيات والأحاديث والأقوال التي نحفظها ونسمعها كل يوم وليلة، التي تحث على الخير والجود والإحسان.. إنك أيها الإنسان، حين تتعامل مع أكرم الأكرمين عبر تلك الأفعال، فثق بأنك الرابح الأول، تربح دنياك قبل آخرتك.. أو ليست هذه غاية كل مؤمن؟