نجد اليوم مثلاً البعض منا وبدوافع طيبة ونيات حسنة ومن حيث يدري أو لا يدري، يقوم بنشر الدين وتبليغه وشرحه للآخرين، لكنه يسيء استخدام الوسائل ولا يُحسن عرض الدين على غير المسلمين بالتي هي أحسن، فتكون النتائج عكسية سلبية، وضررها أكبر من نفعها.
واقع الأحداث يفيد أننا نتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية بطء انتشار الإسلام في العالم، حتى وإن بدا لنا وللغير أن الإسلام ينتشر في العالم، فإنما انتشاره ليس بالمستوى المطلوب أو المأمول، ونحن من يتحمل مسؤولية ذلك ويتحمل كذلك مسؤولية الصورة الذهنية المشوهة لهذا الدين عند كثيرين، فنحن من يعمل - دون وعي - على بث روح النفور أو التخوف من الاقتراب من الإسلام، فضلاً عن دخوله واعتناقه.
الإسلام يخاطب النفوس والعقول بلغة راقية واضحة جلية، ومن ثم ترك المجال للاختيار، فلا إكراه في الدين، ولا حاجة للقهر والعنف من أجل زيادة عدد المسلمين. هذا الدين ما انتشر إلا لإنسانيته وتعزيزه للقيم الإنسانية الرائعة، وسماحته، فحين يرى غير المسلمين أتباع هذا الدين وقد سادت العداوة والبغضاء والكراهية بين بعضهم البعض، وضاعت الكثير من المعاني السامية والقيم النبيلة من حياتهم، وساد الظلم والقهر بدل المساواة والعدل، فلا عجب إذن حين يتردد أحدهم في اعتناق الإسلام، أو ظل حائراً متردداً لا يدري ما يفعل.
من هنا ندعو ونكرر ونحث على أهمية الدعوة والجدال بالحسنى، سواء بين بعضنا البعض، أو مع غيرنا من أبناء الملل والنحل الأخرى، وإن قوتنا في قوة منطقنا وشدة تمسكنا بروح هذا الدين، وكلما تعمقنا في ديننا ووصلنا إلى مراتب الإيمان العليا حتى ندخل تحت مظلة "يا أيها الذين آمنوا.." زاد عدد من يدخل ديننا ويكثر سواد المسلمين.. أما إن حدث العكس وبقينا في عداد المسلمين اسماً دون فعل، فلا شك عندي أنه سيزيد عدد من ينتظرون على بوابات الإسلام خشية أو حيرة، وإلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. فمن يرضى أن يكون سبباً في نفور أو خشية الآخرين من دخول رحمة الله؟
تأمل في هذا القول ثم انظر ماذا ترى.