تضمّن مشروع قانون العمل الجديد، المعدل لقانون 90 / 11، ضوابط صارمة تمنع استغلال الأطفال في العمل، وتحدد مجالات نشاطهم وكيفية صرف مستحقاتهم، كما عرف بدقة الحالات التي تدخل في إطار استغلال العمال والمساومة في مناصبهم وعدم التصريح بهم لدى مصالح الضمان الاجتماعي.
وبغض النظر عن الإنجاز الكبير الذي جاء به هذا المشروع لفائدة العمال، بإلغاء المادة 87 مكرر، التي فرضت فرضا على الحكومة الجزائرية من قبل صندوق النقد الدولي في منتصف التسعينيات، فإن المشروع الجديد اقتحم جوانب لم تكن معالجة في القانون السابق، سيما ما تعلق بتشغيل الأطفال، والتي تعتبر واحدة من أعقد الظواهر في الكثير من مجتمعات العالم الثالث.
وخصص قانون العمل الجديد أربع مواد لتنظيم عمالة الأطفال في الجزائر (من المادة 48 إلى 52)، واللافت في الأمر هو أنه أجاز العمل لهذه الفئة، لكن وفق شروط صارمة ومحددة، على غرار ما جاء في المادة 48، التي تنص على: "يمنع توظيف العمال القصر والمتدربين من الجنسين، الذين يقل عمرهم عن 18 سنة، في الأشغال التي من شأنها الإضرار بالصحة الجسدية والعقلية والأخلاقية".
المشروع الجديد الذي يتكون من 661 مادة، حدد بدقة قطاعات عملهم وكيفية تحصيل مستحقاتهم وساعات عملهم، مثل ما جاء في المادة 49 التي شددت على أن الأطفال الذين يقل عمرهم عن 16 سنة، لا يمكن أن يشغّلوا إلا في الأمور الخفيفة التي لا تؤثر على سلامة أجسادهم، مثل "التسجيلات الصوتية، والومضات الإشهارية.."، مع شرط الموافقة المكتوبة من طرف الوالدين أو الجهة الوصية على القاصر، ويسبق كل ذلك تقديم المشغّل طلبا إلى والي الولاية المعنية من أجل الحصول على ترخيص، تسلم نسخة منه لمفتشية العمل المحلية.
أما فيما يتعلق بالقصر المتمدرسين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 06 و16 سنة، فلا يرخص لهم بالعمل إلا في أوقات العطل، كما جاء في المادة 50، بشرط ألا تتعدى مدة العمل نصف العطلة الدراسية. وفي هذا الصدد يمنع على الطفل الذي يقل عمره عن ست سنوات، العمل لأكثر من يومين في الأسبوع، بشرط أن يكون هذان اليومان خارج العطلة الأسبوعية.
ويمنع القانون تسلم العمال القصر لمستحقات عملهم، كما جاء في المادة 51 التي تشترط على المشغل، تسليم 60 بالمائة من الأجر لوالدي القاصر أو الوصي عليه، أما الـ40 بالمائة المتبقية فتصب في دفتر ادخاري يقيد ويحبس على مستوى مؤسسة مالية، باسم العامل القاصر، ولا يمكن أن يتصرف فيه إلا عندما يصبح الشخص المعني بالغا وفق القانون.
وفي سياق آخر، عرض مشروع قانون العمل الجديد سبل الحد من العمالة غير الشرعية التي باتت تهدد الاقتصاد الوطني، وقد عرف المشرّع هذه الظاهرة التي بدأت تتفشى في البلاد بأنها: "كل مناورة الهدف منها التهرب أو الالتفاف على القواعد المتعلقة بالنشاط الاقتصادي، مقيدة في التشريع المتعلق بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والضريبية، وتشمل كل من النشاط في الخفاء، أو العمل المأجور غير المصرح به، أو الإقامة والعمل غير الشرعي بالنسبة للأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية، والمساومة في اليد العاملة".
ويستفيض المشروع القانوني في شرح المخالفات المتعلقة بالحقوق الاجتماعية للعمال، ويحددها في التشغيل دون التصريح بالعمال لدى مصالح الضمان الاجتماعي، وكذا ممارسة نشاط غير مصرح به لدى مصالح الضمان الاجتماعي ومفتشيات العمل المعنية، وعدم دفع مساهمات العمال في الضمان الاجتماعي، أو التصريح الكاذب بالمساهمات لدى مصالح الضمان الاجتماعي، أو تشغيل الأجانب الذين لا يتوفرون على الشروط المحددة في القانون، أو التصريح الكاذب بمنصب العامل.
كلمات دلالية :
عمالة الأطفال