ولكن الغريب أن من الناس من يختار وجبةً محرمة ومضرة يتناولها كل يوم، بل في أغلب الأوقات، والأعجبُ من ذلك أنه لا يشعر بقبح طعمها، ولا بسوء مذاقها؛ وما ذاك إلا لأن " الإحساس " عنده قد غاب، فلا عجب.
ولعلك تريد معرفة هذه الوجبة اليومية المنتنة، نعم.. إنها سيئة المذاق، قبيحة المنظر، إنها " أكل ميتة الإنسان " نعم وربي، لقد رأيتُ كثيرين قد اقتربوا منها ومارسوها، ونصحتهم ولكن " لا يحبون الناصحين ".
إنها "الغيبة" التي مثلها الله بقوله: (( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ))[الحجرات:12].
إنها الغيبة، الكلمة التي تجري عبر ألسنة الكثيرين شعروا أم لم يشعروا، فيا سوء تلك الكلمة، وما أقبح حروفها.
الغيبة: هي ذكرك أخاك بما يكره، كذا فسرها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
يا ترى: من منا لم يغتب؟ لعلهم قليل، بل والله أقل من القليل.
إن الغيبة جرحٌ من جروح هذا اللسان الخطير الذي يودي بصاحبه للمهالك ( وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) صحيح. السلسلة الصحيحة ( 3/114 ).
عجباً لحال الكثيرين! تجد الواحد يتحفظ من النظر المحرم والسماع المحرم، ولكنه لا يستطيع أن يمسك لسانه عن الغيبة، ونحوها من آفات اللسان.
والأمر يحتاج إلى وقفة محاسبة، وعناية لدى الدعاة والمربين أن يُفهموا الناس خطر الغيبة وقبح نتائجها على الفرد والمجتمع، لعل الواقع فيها أن يقف، ولعل المستمع لها أن ينتبه، والتوفيق بيد الله جل في علاه.
ومضة: قال البخاري: إني أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.