تشهد مقرات البلديات عبر الوطن، خاصة الواقعة في الجنوب، توافدا كبيرا للمواطنين على مصالح الحالة المدنية، طلبا لوثيقة عدم تسجيل شهادتي الميلاد والوفاة الخاصة بأجدادهم، خاصة المولودين قبل 1900، حيث في المقابل يعكف وكلاء الجمهورية عبر المحاكم الابتدائية على دراسة الملفات المودعة لديهم المتعلقة بتقييد شهادة الميلاد والوفاة، قبل استدعاء طالبيها أمام القاضي، مرفقين بالشهود.
وتأتي هذه الإجراءات في تثبيت شهادة ميلاد أو وفاة بعض المواطنين الجزائريين، الذين لم يتم تسجيلهم في الحالة المدنية بعد الاستقلال، إثر سعي الكثير من أبنائهم الذين بلغوا الآن سنا متقدمة، للحصول على جواز السفر البيومتري قصد الذهاب إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج أو العمرة، أو السفر في إطار سياحي للخارج.
واصطدم مواطنون لدى استخراجهم الوثائق اللازمة للحصول على جوازات السفر بوجود أخطاء تتعلق بعدم تطابق ألقابهم مع ألقاب أجدادهم، وبعضهم لم يجدوا آباءهم أو أجدادهم مسجلين في الحالة المدنية، كما تعثر بعضهم في استخراج شهادة ميلاد أو وفاة الجد بسبب إتلاف أرشيف بعض البلديات بفعل الحرائق أو الفيضانات.
أكد في هذا الصدد، العضو السابق في المجلس الدستوري، المختص في القانون، المحامي عامر رخيلة، أن المئات من الجزائريين المولودين خاصة في القرن التاسع عشر غير مسجلين في الحالة المدنية، وأن هذا المشكل لا يزال مطروحا منذ الاستقلال، رغم صدور قانون الحالة المدنية في 1970، حيث حاولت الإدارة الجزائرية حينها أن تستدرج المواطنين من خلال مرافقتهم لشهود من كبار السن للمنطقة التي ولدوا فيها قصد توثيق تاريخ ميلادهم، إلا أنها لم توفق لانشغالها حسبه بأمور أخرى وعدم اتخاذها طرقا أنجع لإحصاء هؤلاء الجزائريين غير المسجلين في الحالة المدنية.
وأوضح رخيلة، أنه على السلطات المعنية اتخاذ كل التدابير لتسهيل استخراج الجواز البيومتري للذين لا يملكون شهادات ميلاد أو وفاة أجدادهم أو أبائهم غير المسجلين خاصة المولودين قبل 1900، أو الذين أتلفت وثائقهم لظروف خارجة عن نطاقهم، وأشار إلى أن تحايل الجزائريين على الإدارة الاستعمارية الفرنسية بعد صدور قانون الحالة المدنية سنة 1884، جعلهم لا يسجلون ميلادهم، خاصة المولودين في دول الجوار تونس وليبيا. وقال إن هناك مشكلا آخر يطرح نفسه أمام القضاء ويتسبب في بقاء وثائق الأجداد غير مسجلة، حيث أن الصراع فيما يخص إجراءات "الفريضة" يجعل بعض الأطراف تتنكر لأصل أو نسب بعض من عائلاتهم بهدف الاستحواذ على الإرث.
ودعا عضو المجلس الدستوري السابق، إلى حل إشكال غير المسجلين في الحالة المدنية، بإعفاء أهاليهم من شهادتي الميلاد والوفاء ومنحهم الجنسية بصفتهم جزائريين متواجدين على التراب الوطني، والبحث عن حلول عاجلة تمكن الحجاج والمعتمرين من حصولهم على جواز سفر خاص للبقاع المقدسة، وذلك باتفاق مع السلطات السعودية والجزائرية.
في ذات السياق، أكد بعض وكلاء الجمهورية في محاكم العاصمة، أنهم تلقوا تعليمات بالإسراع في دراسة الملفات الخاصة بتقييد شهادات الميلاد والوفاة وعقود الزواج والفصل فيها من طرف قضاة المحاكم الابتدائية لترسل نسخة من المحاكم في ظرف أسبوع على الأقل لمجلس القضاء وأخرى للبلدية التي يطلب منها تسجيل هذه الشهادات أو العقود.
وقال أحد موظفي بلدية ثلاثة الدوائر جنوب المدية، إن الكثير من المواطنين يبحثون عن الشهادة التي تخص شجرة العائلة للجد الرابع والثالث، وهي شهادة 16، لم يتم توفيرها عبر البلديات، كما أشار إلى أن أغلب أوامر الحكم للمحكمة التي تخص تقييد شهادات الميلاد والوفاة أو عقود الزواج تصل نسخة منها إلى البلدية ولا يحوز المجلس النسخة الثانية.
كلمات دلالية :
جوازات السفر البيومترية