زلزال الجزائر.. وقفات للعِبْرة

شهدت الجزائر العاصمة وبعض الولايات المجاورة الجمعة الماضية زلزالًا بعثه اللّه بمثابة آية وتذكير للطائعين، وإنذار وتخويف للمنحرفين....

زلزال الجزائر
نشرت : المصدر الخبر الجزائرية السبت 09 أغسطس 2014 09:00

والمسلم اللّبيب هو الّذي يقف أمام هذه النّوازل موقف المتفكر المعتبر، يتذكّر قوة ربِّه الأعلى وقدرته سبحانه، تلك القوّة والقدرة الّتي لا تماثلها أيُّ قوّة: {ما قَدَرُوا اللّه حقَّ قدْرِه إنّ اللّه لقويٌّ عزيز}.

 الزّلزال ما هو إلّا جندي من جنود اللّه، وعذاب من عذاب اللّه، يسلّطه على مَن يشاء، لا يستطيع المخلوق الضّعيف أن يقف أمامه مهما بلغت قوّته، فعندما تتحرّك الأرض بصوتها المخيف ودويِّها الرّهيب، وتتساقط الجدران وسقف الأبنية، ويصبح أعلى الأرض أسفلَها، في تلك اللّحظة يشعر الإنسان بجلال اللّه وعظمته وجبروته، فيمتلئ قلبه خوفًا من ربِّه، وخضوعًا وإخباتًا إليه، ومحبة ورجاء لما عنده، وطاعة له، ونفورًا من معصيته.
وإنّ ممّا يؤسف له ويدعو إلى العجب، ما درجت عليه أكثر من وسيلة إعلام من إظهار هذه الكوارث على أنّها ظواهر طبيعية، وأنّ سببها مجرد تصدّع في باطن الأرض ضعفت القشرة عن تحمّله، ونحن نقول لهؤلاء: هذا كلام صحيح، لكن قولوا لنا من الّذي قدَّر لهذا الصّدع أن يحدث؟ ومن الّذي أضعف قشرة الأرض أن تتحمّله؟ أليس هو اللّه؟ وهو سبحانه أخبر عن نفسه أنّه يفعل ذلك بسبب ذنوب ومعاصي بني آدم، ومَن أصدق من اللّه حديثا، وما أشبه حال هؤلاء المكابرين بحال من ذكرهم اللّه سبحانه عندما أصابهم الكرب والضرّ: {وقالوا: قد مَسَّ آباءنا الضّرَّاء والسّرَّاء}، فهذا أمر طبيعي لا علاقة له بذنوب العباد، فيواصلون في إعراضهم وفجورهم ويقولون: {إن هذا إلّا خُلُقُ الأوّلين}.
وإنّ من تقدير اللّه تعالى الحكيم الخبير أن حجب العلم بوقت قيام السّاعة عن جميع خلقه، واختصّ به في علمه، وجعله من غيبه: {يَسألونَك عن السّاعةَ أيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إنَّمَا عِلْمُها عنْدَ ربِّي لَا يُجلِيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُوَ}، غير أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبر بما جاءه من ربّه عن أماراتها وأشراطها، وكان ممّا أخبر به من أشراط السّاعة كثرة الزّلازل الّتي تكون في آخر الزّمان، ففي الصّحيح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا تقوم السّاعة حتّى تكثر الزّلازل”، ولقد كثرت فعلًا الزّلازل المروّعة، وتتابع وقوعها في سنوات متقاربة، كما أخبر بذلك الصّادق المصدوق صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد يسأل سائل: لماذا يقدّر اللّه وقوع هذه الزّلازل والكوارث؟ وما الحكمة من وقوعها في حقّ شعوب وأمم آمنة؟ لا شكّ أنّ اللّه تعالى لا يخلق شرًّا محضًا، فكم من شرّ في نظر النّاس يحمل في طيّاته خيرًا كثيرًا، واللّه يعلم ونحن لا نعلم.
أقول هذا بعد أن اطلعت على كلام لبعض النّاعقين، القاصرين في مجال العقل والدّين، يعترض أحدهم أن تكون هذه الكوارث من آثار الذّنوب، يقول أحدهم ملبّسًا الحقّ بالباطل: كيف تقولون إنّ الأعاصير والزّلازل عقوبة إلهية؟ وما ذنب فلان من النّاس أو شعب من الشّعوب لكي يحلّ به هذا الدّمار؟ سبحان اللّه، ما أشدّ حماقة القوم ونقص عقولهم! ألم يطلع هؤلاء وأمثالهم-والمأمول أنّهم مسلمون- على مثل قول اللّه سبحانه: {وما أصَابَكُم من مُصيبة فبِمَا كَسَبَتْ أيْدِيكُم ويَعْفُو عن كثِير}.
إنّ الزّلازل وغيرها من الصّواعق والأعاصير قد يقدّرها اللّه عقوبة لمَن كفر به وجحد نعمته، كطوفان قوم نوح، وريح قوم هود، وصاعقة قوم صالح، وصيحة قوم شعيب، ورجم قوم لوط، وغرق فرعون وقومه، وخسف قارون.
فاللّه سبحانه يبتلي عباده لتستيقظ النّفوس الغافلة، وتلين القلوب القاسية، وتدمع العيون الجامدة. يقول ابن القيم رحمه اللّه: “وقد يأذن اللّه سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفّس فتحدث فيها الزّلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرّع إلى اللّه سبحانه والنّدم”. وقد يقدّر اللّه هذه الكوارث لتطهير المؤمنين الصّابرين الصّادقين من الذّنوب ومضاعفة ثوابهم: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بشَيء مِنَ الْخَوفِ والجُوع ونَقْصٍ منَ الأموال والأنفُس والثَّمَرات وبَشِّر الصّابِرين، الّذين إذا أصابَتْهُم مُصيبة قالوا إنّا للّه وإنّا إليهِ رَاجِعُون}، واللّه وليّ التّوفيق.

كلمات دلالية : زلزال الجزائر

آخر الأخبار


تابعوا الهداف على مواقع التواصل الاجتماعي‎

الملفات

القائمة
12:00 | 2021-08-01 أديبايور... نجم دفعته عائلته للانتحار بسبب الأموال

اسمه الكامل، شيي إيمانويل أديبايور، ولد النجم الطوغولي في 26 فيفري عام 1984 في لومي عاصمة التوغو، النجم الأسمراني وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة بدأ مسيرته الكروية مع نادي ميتز الفرنسي عام 2001 ...

07:57 | 2020-11-24 إنفانتينو... رجل القانون الذي يتسيد عرش "الفيفا"

يأتي الاعتقاد وللوهلة الأولى عند الحديث عن السيرة الذاتية لنجم كرة القدم حياته كلاعب كرة قدم فقط...

23:17 | 2019-09-13 يورغن كلوب... حلم بأن يكون طبيبا فوجد نفسه في عالم التدريب

نجح يورغن كلوب المدرب الحالي لـ ليفربول في شق طريقه نحو منصة أفضل المدربين في العالم بفضل العمل الكبير الذي قام مع بوروسيا دورتموند الذي قاده للتتويج بلقب البوندسليغا والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، وهو ما أوصله لتدريب فريقه بحجم "الريدز"...

خلفيات وبوستارات

القائمة

الأرشيف PDF

النوع
  • طبعة الشرق
  • طبعة الوسط
  • طبعة الغرب
  • الطبعة الفرنسية
  • الطبعة الدولية
السنة
  • 2021
  • 2020
  • 2019
  • 2018
  • 2017
  • 2016
  • 2015
  • 2014
  • 2013
  • 2012
  • 2011
  • 2010
  • 2006
  • 2003
  • 0
الشهر
اليوم
إرسال