وتعد التعليمة التي تصدرها الهيئة الوصية سنويا في منتصف الشهر الفضيل، إيذانا بانطلاق عملية جمع زكاة الفطر التي تم تحديدها هذه السنة بـ 100 دج عن كل فرد، ويتم وضع تلك المبالغ على مستوى صناديق الزكاة بالمساجد، ليتم في نهاية شهر رمضان إحصاؤها، ثم إعداد محضر بشأنها بحضور الإمام ومواطنين ولجنة المسجد، ويرفق المحضر بقائمة أسماء المستفيدين منها من سكان الحي، ويرسل إلى مديرية الشؤون الدينية على مستوى الولاية للاطلاع عليه، وللتأكد من وجهة أموال زكاة الفطر، غير أن العملية في الواقع تتوقف عند استلام المحضر الذي يوضع في الأدراج دون أن تتبع العملية بالتحقق من كيفية توزيع أموال الزكاة ومن الأشخاص الذين استفادوا منها، وهو من الأسباب التي جعلت الوزارة المعنية لا تتحصل أبدا على أرقام دقيقة بشأن أموال زكاة الفطر، بسبب طريقة جمعها وتوزيعها التي لا تزال مقتصرة على المستوى المحلي.
ويعيب مختصون في الاقتصاد على وزارة الشؤون الدينية عدم تمكنها من وضع آلية لجمعأموال الزكاة من بينها زكاة الفطر، ويعتقد الأستاذ مالك سراي بأن انحصار العملية علىمستوى المساجد جعلت من الصعب الحصول على أرقام دقيقة بشأنها لدى المديريات الولائية،الأمر الذي دفعه إلى اقتراح تأسيس صندوق للزكاة يأخذ شكل مؤسسة قائمة بحد ذاتها، وأنتتولى مصالح البلديات متابعة جمع تلك الأموال وتوزيعها، بعد التحقق من قائمة المستفيدين،بدعوى أن البلديات لديها المعطيات الشاملة بشأن الوضعية الاجتماعية للقاطنين بإقليمها،ويعتقد "سراي" بأن المساجد أثبتت إلى حد الآن عجزها، بسبب بعض السرقات التي طالتصناديق الزكاة، كما أن الاستمرار في هذا النموذج لا يخدم حسب رأيه بناء جمهورية قائمةعلى المؤسسات، لذلك فإن العملية يجب أن توكل إلى هيئة، ويعتقد المتحدث بأن دور المسجديجب أن يقتصر على الجانب الديني لا غير، من دون أن يتدخل في الأمور المادية لإبعاده عنالشبهات.
ويؤكد المستشار السابق بوزارة الشؤون الدينية، عدة فلاحي، بأن الهيئة التي كان ينتميإليها لم تتمكن يوما من إحصاء قيمة أموال زكاة الفطر، وأن مديريات الشؤون الدينية لم يكنلديها يوما أرقام دقيقة حول هذا الملف، بسبب عدم التحكم في المحاسبة وضعف مستوىبعض المسيرين المحليين، قائلا بأنه حتى الوزير السابق "بوعبد الله غلام الله" لم يحصليوما على حصيلة زكاة الفطر، وأن تأكيده على نجاح عملية جمعها وتوزيعها خلال لقائهبالمسؤولين المحليين، كان مجرد خطاب فقط، لا يوجد ما يثبته على أرض الواقع، بل حتىالمديرون الولائيون لا يملكون المعطيات الدقيقة، رغم أن المساجد تعد محضرا يتضمن قيمةالأموال التي يتم جمعها وكذا أسماء المستفيدين منها.
وتصل قيمة أموال الزكاة التي يودعها المواطنون قبيل حلول العيد إلى أزيد من 200 مليونسنتيم بالنسبة إلى العديد من المساجد، وتوزع على الفقراء والمحتاجين من أبناء الحي الذييقع به المسجد، إذ تحصل كل أسرة سنويا على مبلغ يصل في الكثير من الأحيان إلى 10آلاف دج. ويؤكد رئيس المجلس الوطني للأئمة، جمال غول، بأن وزارة الشؤون الدينية لاتتابع العملية عن قرب، وهي تترك للمساجد الحرية الكاملة في جمع زكاة الفطر، وتوزيعهاعلى المحتاجين، بالنظر إلى الثقة الكبيرة التي يضعها المواطن في المسجد، فضلا عن قلةحالات السرقة، لأن الأموال التي تجمع تكون محدودة عكس الزكاة العادية، وبالتالي فهي لايمكن أن تكون محل أطماع ضعاف الإيمان، كما أن فترة بقائها في صندوق الزكاة هي جدمحدودة ولا تتجاوز 15 يوما، وقد تدوم ثلاثة أيام فقط، مما يقلص فرص التلاعب بها، فيحين إن المستفيدين منها هم من أبناء الحي، الذين يسهل التأكد من حقيقة أوضاعهمالاجتماعية والمادية.
كلمات دلالية :
ملايير الزكاة