تتقاذف المجموعات النيابية في البرلمان مسؤولية الهجرة الجماعية للنواب، بعد أن أصبحت نسبة التغيب مصدر إزعاج وقلق بالنسبة لتلك الكتل، في ظل غياب مادة قانونية تلزم النائب بالحضور، وتسلط عليه عقوبات في حال التمادي في الغياب.
وتجزم مصادر نيابية بأن الأجر الذي يتقاضاه الكثير من النواب لا يوجد ما يبرره على أرضالواقع، بعد أن دخلوا في عطلة مدفوعة الأجر منذ انقضاء الانتخابات الرئاسية، فمنهم منلم تطأ قدماه مبنى البرلمان منذ شهر أفريل الماضي، مؤكدين بأن التغيب لم يعد يقتصرعلى الجلسات العامة، بل امتد أيضا إلى مكتب المجلس وكذا اللجان الفرعية، بدليل أندراسة مشروع القانون المتعلق بالخدمة الوطنية تمت في ظل غياب معظم أعضاء لجنةالدفاع، وفق تأكيد النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، وتحمّل كتلة الجزائرالخضراء أحزاب الأغلبية أي الأفالان والأرندي مسؤولية الفراغ الرهيب الذي يعيشهالمجلس الشعبي الوطني، بدعوى أن حضور الكتل الصغيرة لن يغير شيئا، سواء أثناءعملية التصويت أوفي ملء القاعة، التي ظلت شبه فارغة طيلة الدورة الربيعية التي توشكعلى الانقضاء، ويعتقد نعمان لعور الرئيس السابق للمجموعة البرلمانية للتكتل الأخضر بأنتغيب النواب بهذا الشكل الملحوظ قد يحمل تفسيرات عدة، من بينها أنه نتيجة موقفسياسي أو الانتخابابات الرئاسية التي شغلت النواب، معتقدا بأن عرض أربعة مشاريعقوانين في أسبوع واحد بعد أن ظلوا لمدة أربعة أشهر دون نشاط، هو من بين ما يمكن أنيثير احتجاج النواب، ويشعرهم بعدم جدية العمل البرلماني، معترفا بأن حضور النوابأصبح يقتصر على عرض مشاريع القوانين ثم التصويت، مذكرا بالاقتراح الذي قدمتهالمجموعة التي ينتمي إليها لمراجعة النظام الداخلي للمجلس الذي يعود إلى سنة 97،بدعوى أن الخطورة في الغيابات لا تكمن في الجلسات العامة بل في اللجان أيضا، حيثينبغي أن يصبح الحضور في الاجتماعات أمرا إجباريا، إلى جانب جلسات العرضوالتصويت، قائلا بأنهم اقترحوا تسليط عقوبات على النواب "المتقاعسين" من بينهاتجريدهم من المحفزات التي يحضون بها، كالسفريات إلى الخارج والخصم من الراتب.
ويصر نعمان لعور على أن مسؤولية الغيابات يتحملها أحزاب الأغلبية، بحجة أن الأحزابالصغيرة لا تظهر في حال الحضور أو الغياب، معتقدا بأن الإشكالية لا تكمن في لا مبالاةالنواب فقط، وإنما في طبيعة العلاقة بين الهيئة التشريعية والحكومة، ما يتطلب إعادة النظرفي القانون العضوي الناظم للعلاقات ما بين الحكومة والبرلمان، بعد أن أصبح بعضالوزراء لا يهتمون للإجابة عن انشغالات ممثلي الشعب.
ولا يرى رئيس المجموعة النيابية للأرندي ميلود شرفي الوضع بهذه الصورة القاتمة، قائلابأن نواب الحزب ملتزمون بحضور الجلسات، غير أن التغيب يظهر في جلسات الأسئلةالشفوية، لأنها تعني صاحبها أولا، مؤكدا بأن 60 في المائة من نواب الأرندي ملتزمونبالحضور المستمر، لكنه لم ينف وقوفه على اتساع ظاهرة الغيابات، قائلا: "لاحظنا فيالمدة الأخيرة التغيب عن الجلسات، لكنني لا أحمل المسؤولية لأحد، فهم جميعهم زملائي،وكل واحد سيد في قراراته"، مضيفا بأن الأمر يخص كل برلمانات العالم، "غير أنه ليسبنفس الحدة"، معترفا بأن التغيب عن جلسات البرلمان في المدة الأخيرة، أصبح أمراظاهرا، لأن الحضور أصبح لا يرضي حتى رؤساء المجموعات النيابية، رغم التعليمات التييتلقوها من رؤساء الأحزاب المنتمين إليها، وإدراج مادة تؤكد على الحضور، بدعوى أنالمشكل لم يكن مطروحا بهذه الحدة. علما أن نواب المجس الشعبي الوطني يتقاضونمنحا تتعلق بالنقل والإيواء والإطعام، بغرض تسهيل ظروف إقامتهم بالعاصمة طيلة مدةالجلسات.
ورغم ما أثير بشأن أجور النواب التي تصل إلى 40 مليونا في الشهر، إلا أنها تعد غير كافيةبالنسبة لهم، لأن تكاليف تنقل وإقامة نائب من ولاية تمنراست مثلا لمدة 15 يوما تصللأكثر من 10 ملايين سنتيم، دون أن يؤدي أي نشاط برلماني في المقابل، فلماذا يصرفتلك المبالغ ولماذا يحضر إلى البرلمان، وفق مصادر نيابية، والقضية بالنسبة لهم تتعلقبمنح تحفيزات أخرى، وتغيير طريقة العمل لتشجيعهم على النشاط، من بينها تمكين نوابالرئيس من ترأس الجلسات، فقد أنهى بعضهم العهدة دون أن يتمكنوا من ترؤس ولوجلسة واحدة فقط.
كلمات دلالية :
تجريد النواب من المحفزات