والسؤال :
هل يعني ذلك أنه من يقرأ سورة البقرة في الليل ، يجب أن يقرأها في الليل ، وفي نفس التوقيت مرة أخرى بعد 3 أيام ، كما ورد في الحديث الشريف ، كأن يكون مثلًا قرأها في المغرب ، فبالتالي عليه أن يقرأها في المغرب بالتحديد بعد 3 أيام ، أو أنه إذا قرأها في الظهر لابد أن يقرأها في الظهر ثانية بعد 3 أيام أم هناك فسحة في هذا الباب ؟
الجواب :
الحمد لله
روى ابن حبان في "صحيحه" (780) ، والطبراني في " المعجم الكبير" (5864) ، والبيهقي في " الشعب " (2161) ، والعقيلي في " الضعفاء " (2/6) من طريق حَسَّانِ بْن إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا ، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) .
وهذا إسناد ضعيف :
خالد بن سعيد ، قال ابن المديني: لا نعرفه ، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه ، ثم ساق له هذا الحديث ، وجهله ابن القطان .
" لسان الميزان " (2 /376) ، " تهذيب التهذيب " (3 /83) .
والحديث ضعفه الألباني في " الضعيفة " (1349) .
ولكن طرفه الأول ثابت ، فروى الحاكم (2058) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) .
ورواه أيضا (2060) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مرفوعا وموقوفا ، ولفظه : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) .
وحسنه الألباني في " الصحيحة " (588) .
والحاصل : أن تقييد قراءة " سورة البقرة " في البيت بالليل ، أو بالنهار ، أو تقييد طردها للشيطان من البيت : بثلاثة أيام ، أو غير ذلك : لم يصح به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن صح بفضل سورة البقرة عاما ، وصح أيضا أن الشيطان يهرب من البيت الذي تقرأ فيه .
وقد روى مسلم (780) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يعني إذا قرأت في بيتك سورة البقرة : فإن الشيطان يفر منه ، ولا يقرب البيت ؛ والسبب أن في سورة البقرة (آية الكرسي) " انتهى من " شرح رياض الصالحين " (4/ 684).
وقد ورد فضل قراءة آيتين من سورة البقرة ، ثلاث ليال في البيت ، في حديث آخر :
فروى الترمذي (2882) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي" .
والحديث رواه البخاري (4008) ، ومسلم (807) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ )
وليس في رواية الصحيحين تقييد القراءة بثلاث .
قال النووي رحمه الله :
" قِيلَ مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ ، وَقِيلَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَقِيلَ مِنَ الْآفَاتِ ، وَيَحْتَمِلُ مِنَ الجميع " انتهى من " شرح صحيح مسلم " (6/91-92) .
وهذه الأحاديث تفيد أن دوام قراءة سورة البقرة في البيوت تطرد منها الشياطين بدون تحديد وتوقيت لقراءتها.
سئل علماء اللجنة الدائمة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا ، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله شيطان ) . هل المقصود بقراءة سورة البقرة مرة واحدة في البيت عندما يسكن فيه صاحبه ، أو كل عام ، أو كل ليلة ؟ وهل تكفي القراءة من المسجل ويحصل بها المقصود ، أم لا ؟
فأجابوا :
" ليس لقراءة سورة البقرة حد معين ، وإنما يدل الحديث على شرعية عمارة البيوت بالصلاة وقراءة القرآن ، كما يدل على أن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ، وليس في ذلك تحديد ، فيدل على استحباب الإكثار من قراءتها دائما لطرد الشيطان ، ولما في ذلك من الفضل العظيم ؛ لأن كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها كما جاء في الحديث الآخر " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (3/ 127-128) .
على أن الأمر مداره على الاستحباب والفضيلة ، كما هو معلوم ، وليس للوجوب مدخل فيه ، كما ورد في السؤال .
والله تعالى أعلم .
كلمات دلالية :
سورة البقرة