والجواب: أنّه قد جاء في صدر الآية بالفعل: (ليعذبهم) وجاء بعده بالاسم (معذبهم) وذلك أنه جعل الاستغفار مانعًا ثابتًا من العذاب، بخلاف بقاء الرسول بينهم فإنه-أي العذاب- موقوت ببقائه بينهم. فذكر الحالة الثابتة بالصيغة الاسمية والحالة الموقوتة بالصيغة الفعلية، وهو نظير قوله تعالى: "وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" القصص/59. فالظلم من الأسباب الثابتة في إهلاك الأمم فجاء بالصيغة الاسمية للدلالة على الثبات.
ثم انظروا كيف جاءنا بالظلم بالصيغة الاسمية أيضًا دون الفعلية فقال: (وأهلها ظالمون) ولم يقل: (يظلمون)؛ وذلك معناه أن الظلم كان وصفًا ثابتًا لهم مستقرًا فيهم غير طارئ عليهم، فاستحقوا الهلاك بهذا الوصف السيء.
فانظروا كيف ذكر أنه يرفع العذاب عنهم باستغفارهم، ولو لم يكن وصفًا ثابتًا فيهم، فإنه جاء بالاستغفار
بالصيغة الفعلية (يستغفرون) وجاء بالظلم بالصيغة الاسمية (ظالمون).
إنّها رحمة الله سبحانه وتعالى بخلقه.