فإن الجنة والنار بيد الواحد الماجد القهار ، لا يملك نبي مرسل أو ملك مقرب حق الإدخال فيها أو الإخراج منها ، فهي حقُ محض لله تعالى ، يدخل إلى الجنة من يشاء برحمته وفضله ، ويدخل من يشاء إلى النار بحكمته وعدله ، وما ربك بظلام للعبيد ..
لكنه من رحمته بعباده نصب لهم جسور الرحمة ليمتطوها بحثاً عن النجاة ، ومدَّ بحبال اللطف ليتعلق بها من يلتمس خلاص نفسه من العذاب ، ورحمة الله قريب من المحسنين ، ولا يضر الغافل إلا نفسه ، والله غني عن العالمين .
وسياط الخوف من النار تلهب ظهور الصادقين ، ليجدُّوا في التماس الخلاص ، ويصدقوا في الهروب من هذا الخطر المرهوب ..
وما من مؤمن بالله واليوم الآخر إلا وهو دائم الخوف من النار ، ملازم للحذر منها ، يبحث عن أسباب النجاة من الوقوع فيها، ويعظ بالنواجذ على كلِّ ما يمكن أن يكون سبب حمايته ووقايته ...
وبين يديك ـ أيها الحريص ـ فرصة العمر ، وغنيمة الدهر ، للحصول على براءة مما تخاف وتحذر من الدخول إلى سقر ، وهي وصفة نبوية من عمل بها كُتبت له براءتان من النار والنفاق ، وهي يسيرة على من يسرها الله عليه ، عسيرة على عدو نفسه والباخل عليها بهذا الخير .....
فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان : براءة من النار و براءة من النفاق ".
فهيا ... شمِّر عن ساعد الجد ، وأوقد شعلة العزم ، وأضرم نار التوثب ، وعليك بالمحراب ، والمسارعة إلى الصفوف الأول ، ولا يناديك المنادي إلا وأنت قد أجبت النداء ، لتفوز بهذه البراءة التي ضمنها لك أصدق الناس قيلا وأبر الخلق حديثاً ...
كلمات دلالية :
صك براءة من النار