وقال الحسن : إنما أنت أيام مجموعة ، كلما مضي يوم مضي بعضك .
وقال : ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك ؛ يوضعك الليل إلى النهار والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة ، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً ؟
وقال : الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوي من ورائكم .
وقال داود الطائي : إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم ، فإن استطعت أن تـُـقدِّم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها فافعل ، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو ، والأمر أعجل من ذلك ، فتزوّد لسفرك ، واقض ما أنت قاض من أمرك ، فكأنك بالأمر قد بَغَـتـَـك .
وكتب بعض السلف إلى أخ له : يا أخي يَخيّـل لك أنك مقيم ، بل أنت دائب السير ، تُساق مع ذلك سوقا حثيثا ، الموت متوجِّه إليك ، والدنيا تطوى من ورائك ، وما مضى من عمرك فليس بِكَـارٍّ عليك حتى يَكُـرَّ عليك يوم التغابن .
سبيلك في الدنيا سبيل مسافر == ولا بــد من زاد لكل مسافــر
ولا بد للإنسان من حمل عدة == ولا سيما إن خاف صولة قاهر
وأنشد بعض السلف :
إنا لنفــرح بالأيام نقطعهــــــــــــا == وكل يوم مضي يدني من الأجلِ
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا == فإنما الربح والخسران في العملِ
[ أفاده ابن رجب في جامع العلوم والحِكم ]
والعُــمُـر فيه سـؤالان
سؤال عن مرحلة القوة والكسب والإنتاج
وسؤال عن العُــمُـر جملة
ولذا لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس ؛ منها :
عن عمره فيم أفناه ؟
وعن شبابه فيم أبلاه ؟
فـأعِـدّ للسؤال جواباً على أن يكون الجواب صواباً
تأمل في عُـمُـرِك
كم مضى منه ؟
وهل انتفعت بما مضى من عُـمُـرِك ؟؟ أو مضى سبهللاً وضـاع سُـدى ؟؟
سأل رجل الإمام الشافعي عن سنه قال : ليس من المروءة أن يخبر الرجل بسنه ، سأل رجل الإمام مالك عن سنه فقال : أقبل على شأنك . ليس من المروءة أن يخبر الرجل بسنه ؛ لأنه إن كان صغيرا استحقروه ، وإن كان كبيرا استهرموه .
تأمل في عُمُرِك
فإن كنت صغيراً فقبيح أن يزول عمرك سريعا في لهو طيش
وإن كنت كبيراً فتدارك ما فات ، فما أقبح التصابي من شيخ كبير
أيا نفس ويحك جاء المشيب == فما ذا التصابي ؟ وما ذا الغزل ؟
تأمل قول القائل :
الناس صنفان ك موتى في حياتهمُ == وآخرون ببطن الأرض أحياءُ
فمن أي الصنفين تريد أن تكون ؟
لقد وقفت وطال وقوفي
وتأمّلتُ فما انقضى التأمّل
وكم تعجّبت وأنا أقرأ سيرة ذلك العالم الذي سارت بأخباره الرّكبان
وطوّف بكُـتُـبه في الآفاق
وقرأها الصغير والكبير
ودَرَّسها العلماء لطلاّب العلم
كلمات دلالية :
كم مضى من عمرك