لماذا الله أكبر أول كلمة في الآذان؟

ينشغل الناس كثيراً بأعمالهم، هذا قد أهمّه الكسب وإدخال المال، وآخر قد انشغل بولده؛ بأكله وشربه ولباسه، وثالث مشغول بزوجه وما تطلب، ورابع مهموم كيف يسوس من تحته، ..

الله أكبر
نشرت : المصدر الأهرام الأحد 13 أبريل 2014 14:17

وخامس وسادس {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}1، كلٌ قد كبر همه، وتجمَّع عليه من شغل الدنيا ما تجمَّع، وبينما هم على أحوالهم تلك إذ بصوت يصدح في السماء يقطع عليهم كل تفكير، صوت له أثره في النفوس، وصداه في الأرواح، ورهبة في القلوب الحية، وتردُّدٌ في الأذهان، إنه صوت الأذان، وليس ذلك فقط بل إنه النداء الذي يبدأ ببيان ما الذي يجب أن يكون كبيراً في نفوسنا؟، ما الذي لا ينبغي ألا يكبر عليه شيء لا الأموال، ولا الأبناء، ولا الزوجات، لا أمانٍ زائفات، ولا آراء فاسدات، ولا أفكار سيئات، الله أكبر هي التي لا بد أن تجلجل فوق جميع المنارات، منارات المساجد، ومنارات القلوب، ومنارات التفكير، ومنارات الاهتمامات، ولا بد أن يستقر في النفوس أن الله أكبر من كل شيء ..

رأيت الله أكبر كل شيء           محاولةً وأكثـرهم جنوداً

الله أكبر من كل شيء، حتى ما تنشغل به الآن مما قد أخذ كل لبك؛ فإن الله أكبر منه لأنه بيده مقاليد السماوات والأرض {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}2، وانظر إلى حال حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - الذي كان لا يشغله شاغل عن إجابة الداعي إذ جاء عن الأسود قال: سألت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله -: فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة"3.

ولقد علَّمنا السلف الصالح أن الله أكبر من كل شيء، وهم إذ فعلوا ذلك فإنهم لم يعلمونا بالكلام فقط بل سطروا ذلك بالأقوال والأفعال، ونحتوا ذلك على صفحات التاريخ، وبينوا كيف أن الله - تعالى - كبير عندهم قال صاحب الإحياء: "وقد جاء في تفسير قوله - تعالى -: {لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ}4 أنهم كانوا حدادين وخرازين، فكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الإشفى فسمع الأذان؛لم يخرج الإشفى من المغرز، ولم يوقع المطرقة، ورمى بها، وقام إلى الصلاة"5، وليس هذا فحسب بل كان للأذان في قلوبهم أثر خاص قال صاحب الياقوتة: "وكان أبو عمران الجوني إذا سمع المؤذن تغير، وفاضت عيناه، وكان أبو بكر النهشلي إذا سمع الأذان تغير لونه، وأرسل عينيه بالبكاء"6.

وما نراه اليوم للأسف الشديد هو ما وصلت الدنيا إليه من منزلة في قلوب كثير من المسلمين، فما كبر في قلوبهم إلا الدينار والدرهم، والأزواج والأولاد، والتجارة والمساكن، وهذا ما حذر منه الله - عز وجل - في كتابه الكريم فقال - تعالى -: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}7، فإنه إذا وُجِدَ الحب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فلن يقدم شيء من متاع الدنيا على ما أوجب الله - تعالى -، وما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى وصل الأمر بالبعض مع تركه لأمر الله - عز وجل - إلى العبودية لغير الله - نسأل الله العافية - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض))8.

وعندما تصبح الدنيا أكبر الهم يفرِّط الكثيرون في جنب الله، فتراهم لا يجيبون النداء، فيضيعون الآخرة لاهثين وراء الدنيا، فلا يحصلون من الدنيا على ما أرادوا، ولا هم فازوا في الآخرة فعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من كانت الدنيا همَّه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته؛ جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة))9.

ولعلنا الآن أدركنا بعض ما تعني كلمة "الله أكبر"، وموقف المسلمين منها، حيث منهم المفرط الذي لم يؤدي مقاصدها، ومنهم - ولله الحمد - من علم معناها، وأعطاها قدرها، وقام بواجبها، فلا ينشغل عند سماعها إلا بها، ولا يهتم إلا بإجابتها، فليكن ما يتجلجل في صدرك، ويتردد بين جوارحك؛ هو صدى هذه الكلمة "الله أكبر"، حتى تحيي روحك بالاستجابة لأمر الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}10، والحمد لله رب العالمين.

كلمات دلالية : الآذان

آخر الأخبار


تابعوا الهداف على مواقع التواصل الاجتماعي‎

الملفات

القائمة
12:00 | 2021-08-01 أديبايور... نجم دفعته عائلته للانتحار بسبب الأموال

اسمه الكامل، شيي إيمانويل أديبايور، ولد النجم الطوغولي في 26 فيفري عام 1984 في لومي عاصمة التوغو، النجم الأسمراني وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة بدأ مسيرته الكروية مع نادي ميتز الفرنسي عام 2001 ...

07:57 | 2020-11-24 إنفانتينو... رجل القانون الذي يتسيد عرش "الفيفا"

يأتي الاعتقاد وللوهلة الأولى عند الحديث عن السيرة الذاتية لنجم كرة القدم حياته كلاعب كرة قدم فقط...

23:17 | 2019-09-13 يورغن كلوب... حلم بأن يكون طبيبا فوجد نفسه في عالم التدريب

نجح يورغن كلوب المدرب الحالي لـ ليفربول في شق طريقه نحو منصة أفضل المدربين في العالم بفضل العمل الكبير الذي قام مع بوروسيا دورتموند الذي قاده للتتويج بلقب البوندسليغا والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، وهو ما أوصله لتدريب فريقه بحجم "الريدز"...

خلفيات وبوستارات

القائمة

الأرشيف PDF

النوع
  • طبعة الشرق
  • طبعة الوسط
  • طبعة الغرب
  • الطبعة الفرنسية
  • الطبعة الدولية
السنة
  • 2021
  • 2020
  • 2019
  • 2018
  • 2017
  • 2016
  • 2015
  • 2014
  • 2013
  • 2012
  • 2011
  • 2010
  • 2006
  • 2003
  • 0
الشهر
اليوم
إرسال