داربي برلين، لأول مرة في الدرجة الألمانية الأولى، تاريخ مثير في العلاقة القوية بين جمهوري الفريقين، السياسة جمعتهما يوم كان الجدار فاصلا بين الألمانيتين، ولكن...مالذي حدث بعد ذلك؟؟
رغم توحيد الألمانيتين، إلا أن مظاهر الإنقسام لا تزال واضحة في برلين، سواء معماريا، إيديولوجيا أو رياضيا، فغرب المدينة هو جانبها الأزرق ومعقل هيرتا برلين، أما شرقها فهو الطرف الأحمر ومعقل يونيون برلين...
من الستينات وإلى غاية سقوط جدار برلين، كان التنافس في برلين الشرقية بين BFC Dynamo وإتحاد برلين، حيث كان دينامو مربوطا بالقسم الأمني (الشرطة)، أما يونيون فهو للمدنيين والشعبيين.
العلاقة بين جماهير هيرتا برلين ويونيون برلين كانت علاقة صداقة، فكلاهما من الطبقة الشعبية وكلاهما يكره نادي دينامو كرها شديدا لأنه كان ممثلا لـ الشتازي (أمن الدولة في ألمانيا الشرقية) بامتياز.
العلاقة الطيبة ترجمتها عبارة "الجدار المقرف لا يمكن أن يفصلنا أيضا" في معاقل هيرتا ويونيون سنوات الثمانينات، وفي ذلك الوقت، كان الأمر سهلا على هيرتا نظرا لديمقراطية ألمانيا الغربية، لكن في الشرق، كان الأمر صعبا جدا على عشاق "الأحمر".
يقال أن بداية الصداقة بين الفريقين هي هتافات عشاق يونيون برلين سنوات السبعينات نكاية في دينامو، حيث كانوا يهتفون " HA-HO-HE، Hertha BSC" وأيضا: "لا يوجد سوى فريقين على ضفاف Spree، الإتحاد و Hertha BSC" + "هيرتا ويونيون ، أمة واحدة ولا شيء يمكن أن يفصلنا"
هذه الهتافات، لم تكن ممنوعة كما ذكرنا في الغرب، ولكن أنصار يونيون عانوا الويلات من طرف "الشتازي" في الشرق، كما أن المعادين لفكرة توحيد ألمانيا فساندوا "دينامو" وكانوا يصفون عشاق يونيون برلين بـ"الشباب المنحط".
العلاقة القوية تعدت حدود الإيديولوجية وكرة القدم، بل إن "هوليغانز" الفريقين كانوا يعملون معا ضد أندية منافسة وذات توجهات معادية، حيث، قيل أن مجموعة " Hertha-Frösche" أو ضفادع هيرتا كانوا يدخلون إلى الجانب الشرقي ويلتقون خلسة مع أنصار يونيون ثم يهاجمون عشاق دينامو BFC أو Dynamo Dresde، وبجانب هذا كان عشاق النادي الأزرق يهربون أشياء كثيرة لنظرائهم في الشرق بسبب الحصار الذي عانوه هناك.
بعد يومين من سقوط جدار برلين، أي يوم 11 نوفمبر 89، لعب هيرتا برلين مباراة SG Wattenscheid 09 في ظروف غير عادية، أنصار هيرتا تركوا 10 ألاف مقعد لجيرانهم عشاق الإتحاد، لكن الأخبار تقول بأن 35 ألف مناصر ليونيون كانوا حاضرين، حتى إن مدرب المنافس Hannes Bongartz قال في تصريح مثير أنه لم يرغب في الفوز لأول مرة لكي لا يكسر فرحة هؤلاء المتحدين.
هذه العلاقة أعطت فكرة لتنظيم مباراة ودية بين الجارين، وحدث ذلك فعلا في 27 جانفي 1990، فاز هيرتا بنتيجة 2-1 ولكن لا أحد اهتم بالنتيجة، فكلاهما يحب الآخر...ولكن هل سيستمر الحب؟
في 12 أوت 1990 تم تنظيم لقاء إياب ودي بين الفريقين في الجانب الشرقي، ولكن المفاجأة، أن عشاق هيرلتا برلين خيبوا أمل جيرانهم، فقط 4 ألاف مناصر حضروا من أصل 25 ألف مقعد، فيما كان الجانب الأحمر ممتلئا عن آخر، هنا، سقط الود الكبير وتحدث الإعلام عن سقوط الصداقة.
ذلك التاريخ، كان سببا في التحول، من صداقة قوية إلى كراهية، وإلى يومنا هذا، لا يفهم الكثيرين من عشاق الفريقين هذا التحول، بل ولا يستوعبونه لأن علاقتهم أيام الألمانيتين كانت أكبر بكثير من كرة القدم.
السبب الرئيسي هو السقوط الحر لـ دينامو BFC، حتى جماهيره (فئة كبيرة) تخلت عنه لأنه لم ترغب في الإرتباط بتاريخ الفريق السياسي، ما جعل التنافس في برلين ينحصر بين فريقين شعبيين، هيرتا والإتحاد، فنسي الماضي ونسيت الصداقة، وبقي الصراع الكروي في الواجهة وخاصة بعد صعود يونيون، ورغم هذا الصراع إلا أن الداربي لم يشهد تجاوزات، ربما لأن ذاكره عشاق الفريقين ليست قصيرة...
غريبة هي كرة القدم، جمعت فريقين في عز الأزمة السياسية الألمانية وفرقتهما بعد هدوء الأوضاع، والسبب: هل برلين حمراء أم زرقاء...؟
كلمات دلالية :
ديربي برلين، هيرتا برلين، يونيون برلين