أن تقدِّر معاناتهم وأحلامهم، وأن تضحي بوقتك لأجلهم، واعلم أنَّه مِن شكر النعمة؛ فكم مِن محرومٍ يَتوق لوجبة ساخنة لا تمتزج برائحة صناديق القمامة!.
كم من أمٍّ باتت ترتعش لأنها تنازلت عن غطائها لأولادها! كم مِن صبيٍّ يَتمنى حِذاء لا يدخل منه الحصى والتراب إلى قدمه؛ ليلعب به الكرة كما يشاء! وكم مِن أطفالٍ يتمنَّون أقلامًا وأوراقًا وحقائبَ آدمية المعالم! عندما تمارس هذه الرياضة الروحيَّة مرارًا، ستُفاجأ بأن ثمة ارتباطًا وثيقًا قد صار بينك وبينها، ستجد نفسك واقعًا في حبِّ السعي على حوائجهم، سعادتك قد أصبحَت من سعادتهم، وهمومهم دائمًا هي ما يُهمُّك، وابتسامتك تأتي بعد ابتساماتهم.
فقط اذهب في جولة وسط عالمهم، انغمس في مشاعرهم، وستجد نفسك على الطريق؛ عن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أيُّ الأعمال أحب إلى الله؟ قال: "سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دَينًا، أو تَطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي لأخ لي مسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد يعني: مسجد المدينة - ومَن كفَّ غضبَه ستر الله عليه، ومَن كظم غيظه ولو شاء أن يُمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضًا، ومَن مشى مع أخ له مسلم في حاجة حتى يُثبتها ثبَّت الله قدميه يوم تزول الأقدام، وسوء الخلُق يُفسد العمل كما يُفسد الخلُّ العسل".
فإن أردت أن يسهل الله قضاء حوائجك فأعن الناس على قضاء حوائجهم، فالجزاء من جنس العمل، علمتُ بلْ أي قنتُ أن مَن مدّ يدَهُ لِـيُساعد الناسَ ثمّ احتسبَ أجرهُ ..هيّأ الله له مَن يُعينَهُ وَيسدّ فُرجَتَهُ ، يقول أحد الإخوة: وقد وجدت والله أثر مساعدة الناس على حياتي من تيسير الله سبحانه لجميع أموري ولقد سمعت حديث بما معناه أن أسرع الناس مرورا على الصراط أناس تقضى حوائج الناس على أي دينهم وهو من باب المسارعة إلى فعل الخير والمسابقة فيه كما قال الله تعالى: {فاستبقوا الخيرات}.