وأضاف : فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة .. أي كالريح في سرعته ..
لنكن كرماء إذن و قدوتنا صلى الله عليه وسلم كان أجود بالخير من الريح المرسلة .. ما الذي يمنع ؟ في ظني انه لا شيء ، ما للم تكن النفوس مريضة ومصابة بداء البخل والشح .. إنك أيها القارئ حين تتحلى بصفة الكرم سواء كان كرماً مادياً أو معنوياً ، فإنك بذلك تكون قد أضفت لنفسك صفة كريمة عالية المقام إلى جانب الصفات الأخرى الطيبة عندك ، صفة الأنبياء والمرسلين والأتقياء الصالحين.. وأنت حين تتحلى بتلك الصفة، ستضمن دون شك أولاً وأخيراً حب الناس ، لماذا ؟ لأنك تكون في هذه الحالة قد أعلنت عن زهدك مما في أيدي الناس فيحبونك بالضرورة والفطرة .
لكن ليس الكرم الذي أعنيه اليوم يقتصر على ما تعارف الناس عليه من أنه سخاء في البذل والعطاء وتقديم الولائم وجعل المجالس مفتوحة عامرة بالرواد ، إلى آخر المظاهر المادية المعروفة.. لا ، ليس هذا أعنيه وليس هو هذا مجال الكرم الوحيد فحسب ، بل إن مجالاته عديدة .
الكرم أيضاً يكون في ديمومة الكلمة الطيبة على اللسان وفي كل الأحوال .. كما أن الكرم أيضاً يكون في المعاملة الطيبة مع الجميع بلا استثناءات عنصرية أو عرقية أو جنسية . والكرم يكون بالاستزادة من الأخلاق الطيبة وتجسيدها على أرض الواقع مع الناس كل الناس، يكون في السعي الدائم لقضاء حوائج الآخرين ، حتى لو لم يطلبوها منك مباشرة ..
هكذا الكرم النبوي الراقي.. تتنوع مجالاته وتتوسع حدوده . بل إن صح وجاز التعبير ، ليس للكرم حدود ولا مجال محدد ، إنما المحدد هو عدد الكرماء وخصوصاً في زماننا هذا كما أسلفنا قبل قليل .. فهل ترغب أن تنافس الأنبياء والصالحين في صفة من صفاتهم؟