الثبات على الدين...
لأنّهُ في مَعيّة الله وبالقُرب منه، وممّا لا شكّ فيه أنّ استمرار البقاء على هذهِ الطمأنينة يكون بالالتزام بدين الله والثبات عليه؛ فالأمور لا تُقاس بلحظتها وإنّما بدوامها وبقائها؛ وهذهِ دلائل النّجاح والفلاح.
إنّ الثبات على الدين والطاعات ولو كانت قليلة لهو أفضلُ بكثيرٍ من القيام بطاعات مُتقطّعة ولو كانت كثيرة؛ فَصلاة الضحى ركعتان كلّ يوم، ومُداومة الحفاظ عليها خيرٌ من صلاة ثماني ركعات ضُحى تؤدّيها كلّ شهر أو أسبوع، وقراءة سورة من القُرآن كُلّ يوم والمُحافظةُ عليها خيرٌ من قراءة القُرآن كلّه في يوم واحد من أيّام السنة دون باقي الأيّام، فإن أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّت.
مقوّمات وأسباب الثبات على الدين للثبات على الدِّين العديدُ من العوامل والمقوّمات التي يَجب الأخذ بها، ومن هذهِ المقوّمات: الدُخول في دين الله بعباداته ونوافله وأعماله كافّة برفقٍ ولينٍ وعدمِ تشدّد، فقد وردَ عن النبيّ - صلّى الله عليهِ وسلّم - أنّهُ قال: (إنّ هذا الدين مَتين، فأوغلوا فيه بِرفق)، ومعنى هذا الحديث أنَّ دينَ الله قويٌّ وينبغي أنْ تأخذهُ برفقٍ بعيداً عن التشدّد والحماس الزائد، خُصوصاً في بدايات الالتزام والتديّن، فهُناك أشخاص أوّل ما قررّوا الالتزام أصبح أحدهُم يقوم في الليلة مئة ركعة ويصوم كلّ يوم، وهذا ممّا لا شكّ فيه عملٌ عظيم ولكنّ النفس لا تستطيع المُداومة عليه، فَتفتُر وربّما تتركَ الطاعة أصلاً بعد فترةٍ من الزّمان، فما أجمل الالتزام بالطاعات ولو كانت قليلة؛ فالقليل الدائم خيرٌ من الكثير المُنقطع.
الالتجاء إلى الله تعالى بالدّعاء أنْ يُثبّتك؛ فالثبات هِداية من الله وتَوفيق منه، فنحنُ لسنا أفضل من النبيّ - وعليهِ الصلاة والسلام -، الذي كانَ يسألُ الله الثبات على الدّين؛ فقد ورَدَ عن النبيّ عليهِ الصلاة والسلام أنّهُ كانَ يقول: (يا مُقلّب القُلوب ثبّتْ قلبي على دينك)؛ فالقُلوب بيدِ الله سُبحانهُ وتعالى، ونسألُ الله أنْ يُثبّتها على الدّين. الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، والتنويع في العبادات والطاعات حتّى لا يملّ المُسلم؛ فمثلاً عليكَ بالصلاة، والصدقة، وبرّ الوالدين، والإحسان إلى الجار، وزيارة الأرحام، والمرضى، واتّباع الجنائز إلى غير ذلك من المُشاركات التي تَزيد من الأجر والثواب وتُعينك على الثبات بفضل تنوّعها ولذّةِ الطاعة الناتجة عنها. الالتزام بالصُحبة الصالحة والبُعد عن قُرناء السوء؛ فإذا أردتَ أنْ تستيقم على دين الله تعالى فاصبر مع أهل الدين، ولا تَكُن مع غيرِهم من أهل الباطل، كما وصّانا بذلك ربّنا جلّ جلاله؛ حيث يقول: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).