ووعد الصابرين بالفضل العظيم بقوله : "أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا" ، وجعل ملائكته الكرام يستقبلون الصابرين بالتحية والسلام بقوله : "وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ".
فمنزلة الصبر في الدين بمكان الرأس من البدن فلا إيمان لمن لا صبر له ، ومن يتصبَّر يُصبِّره الله ، وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر ، وقد جاء في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده – رضي الله تعالى عنهم أجمعين - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا جمع اللهُ الخلائق نادى منادٍ : أين أهل الصبر ؟ قال : فيقوم ناسٌ وهم يسير فينطلقون سِراعاً إلى الجنة فيلقاهم الملائكة فيقولون : إنا نراكم سِراعاً إلى الجنة فمن أنتم ؟ فيقولون : نحن أهل الصبر فيقولون : وما كان صبركم ؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله وكنا نصبر عن معاصي الله فيقال لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجرُ العاملين".
وخرجت أقوال السلف الصالح من مشكاة النبوة كقول عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - : "الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر"، وقول سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - : "يحتاج المؤمن إلى الصبر كما يحتاج إلى الطعام والشراب"، وقول سليمان بن القاسم - رحمه الله تعالى - : "كلُّ عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر : "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب" فقال : كالماء المنهمر"، وكان صالح المرِّي - رحمه الله تعالى – يقول "اللهم ارزقنا صبراً على طاعتك وارزقنا صبراً عن معصيتك وارزقنا صبراً على ما نكره وارزقنا صبراً عند عزائم الأمور".
والمؤمن بالقضاء والقدر ليس له إلا الإيمان والراحة والاطمئنان والأمن في الدنيا والآخرة.
ونصيحتي إلى كل مهموم ومغموم ومُبتلاً في دينه ودنياه أن يذكر هذا الحديث العظيم الذي هو في الحقيقة عزاء لأهل البلاء فعن عبدالله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي فإنها من أعظم المصائب".