وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) رواه البخاري [ 1/126] ومسلم [ 5/239] فكأن الذي لا يتفقه في الدين ولا يسأل عن أمور دينه ما أراد الله به خيراً.
يقول سبحانه لعباده: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وأهل الذكر هم العلماء، فحق المسلم الذي يريد أن يعبد الله على بصيرة أن يسال عما يجهله من أمر دينه ويبحث عن العلم ويحرص على التفقه في الدين.
ويقع بعض الصائمين في ذنوب عظيمة تفسد عليهم صيامهم وتضيع عليهم قيامهم منها الغيبة، وقد سبق ذكرها في درس كيف يصوم اللسان ؟ ومنها النميمة والفحش في القول ولاستهزاء واللعن وغيرها من ذنوب اللسان.
ومن الأخطاء: الإسراف في رمضان في موائد الإفطار والسحور، فيوضع من الطعام ما يكفي الفئام من الناس ويكثر من الأنواع ويفنن في عرض كل غال ورخيص من مطعم ومشرب من حال وحامض، وحلو ومالح، ثم لا يؤكل منه إلا القليل ويهدر باقيه مع الفضلات، ويرمى في النفايات، وهذا خلاف هدي الإسلام العظيم، قال سبحانه وتعالى: ((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) فكل ما زاد على حاجة الإنسان واستهلاكه فهو إسراف مذموم، ولا يرضى به رب الصائمين ويندرج في قوله تعالى: ((وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا)[الإسراء:26] (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا).
وقال عز وجل: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)[الفرقان:67] تصبح الأسواق في رمضان مليئة بالمشترين وكلهم يحمل من الأشربة والأطعمة ما يكفي عشرات الأسر.
هناك أسر تموت جوعا ولا تجد فتات الخبز، تنام في العراء تفترش الغبراء وتلتحف السماء، وأسر هنا أصابتها التخمة من كثرة إسرافها وتبجحها.
من مقاصد الصيام: استفراغ المواد الفاسدة في المعدة بتقليل الطعام، وكيف يتم ذلك لمن أسرف في طعامه وشرابه، وبذر في مأكله؟
وكثير من الصائمين قطعوا النهار في نوم فكأنهم ما صاموا، منهم من لا يستيقظ إلا عند الصلاة ثم يعود إلى نومه، قطع نهاره بالغفلة وأمضى ليله بالسهر.
ومن الصائمين من يسهر الليل سهراً ضائعاً لا منفعة فيه ولا أجر، فهم في لهو ولعب وشرود، بينما لا تجد في هذا السهر ركعتين في ظلام الليل.
ومن أشنع أخطاء بعض الصائمين تخلفهم عن صلاة الجماعة لأدنى سبب وأتفه عذر، وهذا من علامات النفاق ومن براهين مرض القلوب وموت الأرواح، ومنهم من ليس بينه في رمضان وبين القرآن الكريم صلة أو قربى، يقرأ كثيراً لكن في غير القرآن الكريم، ويطالع كثيراً ولكن في كتب غير كتاب الله عز وجل.