وبعد حمد الله والثناء عليه والصّلاة والسّلام على رسوله، ينتقل المُسلم للدّعاء والطّلب، وعرض حاجته وفقره إلى الله تعالى بكل خشوعٍ، وحضور قلبٍ، واستيعابٍ لمعنى ما ينطق ويقول، ويتوجّه إلى الله بالدّعاء مع اليقين أنّ الله سبحانه وتعالى سيستجيب الدّعاء، ولعل المُسلم يتعلّم هذه الطّريقة في الدّعاء من سورة الفاتحة، وطريقة عرضها للدّعاء، حيث بدأت بحمد الله تعالى والثّناء عليه؛ فهو الرّحمن الرّحيم، وهو مالك يوم الدّين، وهو الوحيد المُستحقّ أن يُتَوجَه له بالخضوع وبالعبادة والاستعانة.
وقد علَّم رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- المسلمين إذا أرادوا أن يدعوا في الحديث الذي يرويه فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (إذا صلَّى أحدكم، فليبدأ بتحميد الله تعالى، والثناء عليه، ثم ليصلي على النبي -عليه الصّلاة والسّلام-، ثم ليدعو بما شاء).
أن يتوجّه المُسلم إلى الله بالدّعاء في كل وقتٍ، في الرّخاء والشّدة، فيبقى قلبه مُعلّقاً بالله في وقت الرّاحة والرخاء، ويُسمِعُ صوتَه لله في كلّ ساعةٍ وفي كل حين، وذلك أدعى أن يستجيب الله لهذا الإنسان إن وقع في ضيقٍ وشِدّةٍ.
خفض الصوت أثناء الدّعاء.
أن يتضرّع المُسلم إلى الله في دعائه، ويُلِحُّ على الله في الدّعاء.
أن يذكر المُسلمُ نِعَم الله عليه ويعترف بها ويعترف بفضل الله عليه ومنِّه وكرمه.
البعد عن التكلّف في الدّعاء، فلا يتكلّف الإنسان أثناء الدّعاء، بل يبتعد عن السّجع ونحوه، ويدعو بكل خشوعٍ، ويجعل همّه عرض حاجته وفقره إلى الله.
أن يُكرّر المُسلم الدّعاء ثلاثاً، وهو من السّنة وممّا ورد عن الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- في كيفيّة الدّعاء.
الأفضل أن يستقبل المُسلمُ القِبلةَ أثناءَ الدّعاء، وهو أفضل وأدعى إلى الإجابة بإذن الله.
رفع اليدين أثناء الطّلب والدّعاء، ففي رفع اليدين إظهارٌ لافتقار المُسلم لما عند الله من خير.
أفضل الدّعاء
لا شكّ أنّ الإنسان الذي تعلّق قلبهُ بالله سبحانه وتعالى إذا أرادَ أن يُناجي اللهَ فإنَّه يتحرَّى أن يدعو بأفضل الدّعاء، وأفضلُ الدّعاء هو ما كان من القرآن والسُنّة،
وما كان جامعاً للخير؛ فالإنسان فقير إلى الله سبحانه وتعالى يحتاج إلى كلّ خير من عند الله، وأفضل الدّعاء هو ما كان يدعو به النبيّ محمد -عليه الصّلاة والسّلام- وقد ورد عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه كان يُكثِر من الدّعاء بطلب الخير في الدّنيا والآخرة. رُوي عن أنس -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان أكثر دعاء النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-: اللّهم آتنا في الدّنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النّار).
كان عليه الصّلاة والسّلام يُكثر من الأدعية الجامعة التي فيها طلب الصّلاح للمُؤمن في كلّ جوانب دنياه وآخرته، ولا يَكاد يخلو جانب من جوانب الدّنيا والآخرة إلا ولرسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- دعاءٌ فيه، فالأولى أن يدعو المسلم بهذه الأدعيةِ الجامعةِ كما وردت عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، فإن لم يفعل لقلة المعرفة، أو قد يكون أميّاً لا يقرأُ ولا يكتب، أو لم يصلهُ دعاء الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام-، فإنّه يجتهد بأن يدعو مُناجياً الله سبحانهُ وتعالى من قلبه، فيدعو بكل بساطةٍ بما يتيسّرُ لهُ من لفظٍ، ويُخلِصُ في الدّعاءِ، ويُلحُّ على الله في الطّلبِ ولا يملّ، فالله سميعٌ مُجيبٌ، واللهُ قريبٌ مُطّلعٌ وعالمٌ بما في الصّدور، وهو القائلُ في مُحكمِ التّنزيل في القرآن الكريم مُخاطباً النّبي محمداً -عليه الصّلاة والسّلام-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،
وكان النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- يدعو بصلاح الدّين، فكان يقول: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دُنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، واجعل الموت راحةً لي من كل شر).