التحق بالدرك رغم سطوة الإرهاب ببلدته
خناق مايون تفجع في صديق الفقراء الرائد فؤاد شويط
حالة من الحزن تخيّم على سكان بلديات المصيف القلي بولاية سكيكدة، منذ صباح الأربعاء الماضي. بعد سماعهم خبر فاجعة سقوط الطائرة العسكرية ببوفاريك والتي كانت متجهة نحو ولاية تندوف دقائق بعد إقلاعها. أغلب الأسر التي لديها أبناء مجندون أو متطوعون يعملون في صفوف الجيش الوطني بإحدى الثكنات العسكرية المتواجدة بالجنوب الجزائري انتابها القلق لتبدأ الاتصالات لمعرفة أخبار أبنائهم، هواتف رنت وأجاب أصحابها وأخرى خارج الخدمة.
الشهيد فؤاد شويط، 38 سنة أب لـ3 أطفال برتبة رائد بسرية الطرقات التابعة للدرك الوطني بتندوف، عائلته قاطنة ببلدية أخناق مايون بأعالي جبال أولاد عطية وعند سماع خبر الفاجعة كتب شقيقه الأصغر عادل على الفيس بوك سقوط طائرة عسكرية ببوفاريك ربي يستر وانتابه ألم وحزن دون أن يعلم أن شقيقه فؤاد ضمن الضحايا ليصل الخبر إلى العائلة التي فقدت شابا يشهد له في بلدته بأخلاقه العالية، وشجاعته، حيث التحق بصفوف الدرك الوطني في العشرية السوداء ورغم أن المنطقة كانت من معاقل الجماعات المسلحة، إلا أنه كان يحب هذا الوطن وكان مستعدا أن يموت شهيدا كان دائما يردد مع أصدقائه أن غايته الشهادة في سبيل الله والوطن.
كان فؤاد في مهمة بالجزائر العاصمة، وكان من المقرر أن يعود مع أسرته الصغيرة زوجته وأطفاله يوم الثلاثاء إلى تندوف، لكنه قرر في الدقائق الأخيرة البقاء لإنهاء بعض المهام، حيث عادت الأسرة، على أساس أن يلحق بهم يوم الأربعاء، وبالفعل ركب طائرة الرحلة الأخيرة ومنها أرسل لزوجته رسالة نصية عبر الفيس بوك، قائلا لقد ركبت الطائرة وسأصل اليوم لكنه لم ولن يصل أبدا صديق الفقراء والزوالية، الذي أحزن فراقه سكان خناق مايون.
فحوصات الحمض النووي تؤجل جنازتي شهيدين بسطيف
تم، أول أمس، إيفاد مختصين من المستشفى العسكري بعين النعجة، إلى ولاية سطيف، قصد الحصول على عينة من دماء أهالي الضحيتين، للتعرف عليهما من خلال الحمض النووي، بسبب صعوبة التعرف على جثتي الشهيدين، بعد أن تشوهتا من قوة انفجار الطائرة العسكرية التي سقطت بنواحي بوفاريك بولاية البليدة، ويتعلق الأمر بكل من سباعي أيوب، البالغ من العمر 27 سنة، المنحدر من بلدية صالح باي والقاطن بحي 40 مسكنا اجتماعيا بعين ولمان، جندي متعاقد، يعمل بولاية تندوف، قضى أياما لدى عائلته وشد الرحال للعاصمة قصد التنقل جوا، لكنها كانت الرحلة الأخيرة، أما الشهيد الثاني، فيتعلق الأمر بالشاب سعد الله عبد المجيد، البالغ من العمر 25 سنة، والقاطن بحي بوسكين ببلدية سطيف والذي ينحدر من دائرة قنزات، حيث لقي حتفه خلال حادث تحطم الطائرة الأخيرة، وقد تم أخذ عينات من دم والديه من أجل إجراء الفحص بالحمض النووي، للتعرف على الجثة. هذا ونشير، إلى أن عائلتي الضحيتين، أكدتا أن الجثتين يتوقع أن يتم إحضارهما يوم غد الأحد، من أجل مواراتهما الثرى بمقبرتي سيدي الخير بسطيف وعين ولمان.
تأجيل تسليم شهداء ولاية برج بوعريريج لذويهم
فقدت ولاية برج بوعريريج ثلاثة من خيرة شبابها في حادثة الطائرة العسكرية، وأكد ذوو الضحايا أن جثامين أبنائهم لم تسلم لهم إلى غاية أمس.
ويتعلق الأمر بالشهيد فاتح زياني، الذي ينحدر من بلدية بليمور بولاية برج بوعريريج عسكري برتبة عريف متزوج وأب لطفلة عمرها سنة. وكذلك الشهيد خرباشي نبيل من بلدية المهير وهو عريف كان بصدد العودة إلى عمله بعد عطلة قضاها مع أهله. بالإضافة إلى الشهيد عبد الحق فحيمة الذي يسكن بقرية الشفا التابعة لبلدية خليل وهو برتبة جندي.
أرسلهم في الطائرة وسافر برا
عسكري يفقد زوجته وأولاده الثلاثة في كارثة بوفاريك
فقد عسكري من ولاية أم البواقي أسرته الصغيرة في حادثة الطائرة ببوفاريك، ورزأ المساعد أوّل، حمي سيد أحمد، زوجته وأبناءه الثلاثة الذين قضوا في الفاجعة، ويتعلق الأمر بابنته الصغرى رشا ذات 3 سنوات، أشواق تبلغ من العمر 12 سنة وابنه أشرف البالغ من العمر 14 عاما، إضافة إلى زوجته التي تنحدر من مدينة البليدة، حيث كان المساعد الأوّل قد قرر سفر أفراد عائلته بالطائرة فيما اختار هو أن يسافر برا.
وتستعد، خلال الساعات القليلة القادمة، القاعدة الجوية العسكرية ببئر رقعة، التابعة لولاية أم البواقي لاستقبال جثامين 25 ضحية من ضحايا سقوط الطائرة العسكرية ببوفاريك، المقيمين شرق البلاد، حيث سيتم استقبال جثامين الضحايا من قبل إطارات سامية عسكرية ومدنية ومن ثمة يتم تحويلهم إلى مقرات إقامتهم، ويذكر أنّ ولاية أم البواقي وعلى غرار باقي ولايات الوطن فقدت ثماني ضحايا أربعة شباب إضافة إلى أسرة المساعد أول حمي، ويتعلّق الأمر بالعريف، يحياوي عبد الناصر، من مواليد 11 أفريل 1994، بمدينة فكيرينة، بولاية أم البواقي، أكبر إخوته الأربعة، رغم صغر سنّه إلاّ أنّه هو المعيل الوحيد للعائلة، درس بالثانوية ثم التحق بالجيش الشعبي الوطني سنة 2011، بالمنيعة، ثم انتقل إلى ولاية وهران وبعدها إلى ولاية تيندوف، احتفلت العائلة منذ أسبوع بخطبته إلاّ أنّ فرحتهم لم تدم طويلا واستشهد عبد الناصر في يوم ميلاده.
كما استشهد الجندي لربس رضوان، من مواليد جانفي 1994، بمدينة فكيرينة، بابتدائية عباس لغرور ثم متوسطة دلفي حمادة، اختار أن يلتحق بالجيش في سن مبكرة، فكانت البداية بمركز القوات الجوية بالمنيعة، انتقل بعدها إلى وهران ومن ثم إلى تيندوف، يعتبر رضوان أصغر إخوته العشرة، يهوى كرة القدم وكان لاعبا في فئة الأصاغر.
ومن شهداء أم البواقي أيضا الرقيب مسوس جابر المدعو بين أبناء مدينته عقبة، من مواليد 17 ماي 1991، الابن الأكبر للعائلة، ولد ودرس بمدينة عين البيضاء، تحصل على شهادة البكالوريا والتحق بجامعة العربي بن مهيدي، ومن ثمة قرر الانضمام لصفوف الجيش الشعبي الوطني، حسب تصريحات أصدقاء عقبة، فإنّ المرحوم كان محبا للسّفر متابعا للمنتخب الوطني ويتميّز بطيبته وحسن أخلاقه.
ودع أهله وقال: “نحوس نشوف المسيلة راها تبدلت!”
فارس فتحي يرحل قبل أسابيع عن موعد زواجه
تعم أرجاء حي 924 مسكن بالمسيلة، أجواء من الحزن والأسى، منذ صبيحة يوم الأربعاء الماضي بعدما فقد الحي ابنا بارا مطيعا خلوقا، وتنهمر من عينيك الدموع دون أن تشعر كلما اقتربت من منزل عائلة فتحي التي فقدت الابن فارس الذي يعتبره الكثيرون بالحي المذكور، اسما على مسمى نظير أخلاقه وتواضعه.
فارس صاحب 26 ربيعا شاءت الأقدار أن يغادر دون عودة وأن يترك أهله وأقاربه وذويه وأصدقاءه مفجوعين، بعدما تأكد خبر وفاته في تحطم طائرة النقل العسكرية ضواحي بوفاريك التي شكلت صدمة للجزائريين.
فارس فتحي المنخرط في صفوف الدرك الوطني منذ سنة 2011 برتبة رقيب، يقول خاله محمد في حديث مع الشروق، إن لاشيء يمكن أن يطفئ لوعة فراق هذا الشاب اليافع الحيوي ابن مسجد أسامة بوسط المدينة، سوى الإيمان بقضاء الله وقدره يقول محدثنا، إن شهيد الجزائر رفقة ضحايا الطائرة، كان في إجازة قصيرة بالمسيلة، اختار أن يتفقد أرجاء المدينة وتوديع الأهل، مترجلا رافضا امتطاء السيارة أو الحافلة أو أي وسيلة نقل أخرى لأنها أي -مدينة المسيلة – تغيرت ملامحها كثيرا ونحوس نشوف المسيلة راها تبدلت، من دون أن يدري أنها ستكون آخر جولة له بمسقط الرأس، منتقلا بذلك إلى دار الخلد والبقاء بعدما اختار الدفاع عن الوطن والتراب وظيفة له، أسوة بوالده المتقاعد من نفس المؤسسة وشقيقه الآخر الذي انخرط كذلك ضمن صفوف أشبال الأمة.
الشهيد فارس فتحي صاحب الابتسامة، الذي لا يزال زملاء طفولته وأبناء حيه وقرية الدريعات بحمام الضلعة التي ينحدر منها ينتظرون رؤيته الأخيرة وتوديعه بعدما غادر من دون رجعة، كان الكل يتهيأ ويتأهب لتنظيم حفل زفافه رفقة رفيقة دربه التي اختارها لتكون شريكة حياته في السراء والضراء، كانت هي الأخرى تستعد وكلها حب وشوق وترقب تمر عليها الساعات كأيام لليوم الموعود الذي ترتدي فيه الفستان الأبيض كقريناتها، إلا أن مشيئة الله كانت هي الأقرب ولا راد لقضاء الله، حتى إن العائلة لم تتفق على موعد الزفاف قبل شهر رمضان المقبل أو بعد عيد الفطر المبارك، بعدما تمت كل التحضيرات الأولية إلى أن نزل خبر الوفاة.
الجلفة تفقد ثلاثة من أبنائها في تحطم الطائرة العسكرية
الشهيد محمد بن كعلول، ودع أمه المريضة وقضى عطلته بالعاصمة
بعد الفاجعة التي حلت على الجزائر بفقدان 257 شهيد في تحطم الطائرة العسكري ببوفاريك، يوجد ثلاثة عسكريين ينحدرون من الجلفة ويتعلق الأمر بالشهيد بن الزين رمزي بمدينة عين وسارة شمال الجلفة، والاشهبي معمر من بلدية عين الإبل جنوب الولاية، ومحمد بن كعلول من مسعد.
محمد بن كعلول واحد من شهداء هذه الطائرة العسكرية حيث كان متوجها نحو الجنوب الجزائري لكونه متعاقدا منذ تسع سنوات برتبة عريف أول وهو ابن مدينة مسعد جنوب الجلفة، وفور سماعنا هذا الخبر انتقلنا لمنزل الشهيد المتواجد بحي القدس بمدينة مسعد أين وجدنا جموع المعزين ينتظرون وصول جثمان الشهيد، حيث انتقل والد الشهيد للعاصمة لجلب جثة الشهيد وسط صدمة كبيرة لعائلة الشهيد ومن الأصدقاء والجيران الذين هرعوا لتعزية أنفسهم قبل العائلة، وبدموع محرقة لم يستطع شقيقه “الجيلاني” وصف وقع نبأ سقوط الطائرة معتبرا أن محمد شهيد الوطن وليس العائلة فقط”، ويضيف شقيقه الثاني أن محمد بن كعلول قضى أيام العطلة في العاصمة والتقط صورا في مقام الشهيد وودع أمه المريضة التي كانت في العاصمة بمنزل شقيقها، وفي ليلة الثلاثاء حضر عرس ابنة خالته ولم يكن يعلم أنها آخر ليلة له، أصدقاء الشهيد أجمعوا على حسن خصال الشهيد محمد الذي كان طيبا وحنونا ومحبا للخير ولم يؤذ أحدا منذ أن قطن في مسعد، لتودع هذه المدينة الطيبة أحد أبنائها الخيرين في سقوط الطائرة التي خلفت 257 شهيد.
الشروق في بيت العريف أول عويسي بقالمة
باسم كان في إجازة لحضور جنازة خالته قبل استشهاده
لازالت أجواء الحزن والأسى تخيّم على حي عميار محمد ببلدية هواري بومدين بقالمة، التي ينحدر منها الشهيد باسم عويسي الذي كان من بين ضحايا حادثة سقوط الطائرة العسكرية، بضواحي مطار بوفاريك العسكري صبيحة الأربعاء الماضي. وحسب أفراد من عائلة عويسي خاصة منهم أخواله وشقيقه فإن الشهيد باسم، عريف أول متعاقد في صفوف الجيش الوطني الشعبي يبلغ من العمر 24 سنة، وقد كان في إجازة قصيرة بمسقط رأسه ببلدية هواري بومدين بقالمة، لحضور مراسيم تشييع جنازة خالته التي توفيت قبل أيام، ليعود بعدها إلى مكان عمله بالثكنة العسكرية في تندوف على متن الطائرة العسكرية من مطار بوفاريك العسكري.
وذكرت والدة الشهيد باسم أن فلذة كبدها وقبل مغادرته البيت باتجاه العاصمة ومنها إلى بوفاريك لامتطاء الطائرة، قام بتقبيل رأسها وطلب منها أن تدعو له، فيما قالت شقيقته أن في العائلة يوجد أربعة عسكريين من بينهم باسم الذي فقدته العائلة في رحلة الموت بين مطاري بوفاريك وتندوف، وأضافت أن خبر استشهاد شقيقها نزل عليها عندما كانت في القسم تزاول دراستها، وأنها لازالت لحد الساعة تحت الصدمة، ولازالت لم تصدق أن شقيقها قد فارقهم إلى الأبد.
من جهته، الصديق الحميم للشهيد باسم عويسي أكد للشروق اليومي أن باسم كان قد قضى معه أيام إجازته كالعادة في تبادل أطراف الحديث حول مختلف المواضيع، وكانا يجلسان سويا في المقهى القريب من منزل العائلة بحي عميار محمد، مؤكدا أن باسم قرر أن يعود إلى الثكنة العسكرية بتندوف على متن طائرة بوفاريك، التي اقلعت يوم 11 أفريل، رغم انه لازال له يوم آخر في مدة إجازته، وكأن القدر ناداه للاستشهاد في ذلك اليوم. وأضاف صديقه أنه لازال لم يصدق خبر وفاته حتى تستلم العائلة جثته، التي لازالت في انتظار وصولها لتوارى الثرى في مقبرة مسقط رأسه، فرحمه الله ورحم شهداء الجزائر وأسكنهم فسيح جنّاته.
في جنازة شعبية ورسمية مهيبة
تلمسان تودّع شهيد الواجب محمد الأمين مصطفاوي
شيع، أول أمس، الشهيد محمد الأمين مصطفاوي إلى مثواه الأخير في جنازة مهيبة حضرتها السلطات المدنية والعسكرية ومختلف الأجهزة الأمنية بمقبرة أولاد ميمون بعد صلاة العصر.
وصل جثمان الشهيد إلى مطار ميصالي الحاج في حدود الساعة الخامسة مساء على متن طائرة عسكرية، وكان في انتظاره والده السيد مصطفاوي عبد الله رفقة إطارات الجيش الوطني الشعبي وقيادات الدرك والشرطة ووالي ولاية تلمسان، حيث قرئت الفاتحة بحضور إمام في القاعة الشرفية للمطار، حملت مجموعة مكونة من الجيش والدرك والشرطة والحماية المدنية جثة الفقيد على متن سيارة إسعاف وتوجه الموكب نحو مسقط رأسه بأولاد ميمون.
ووقف الناس على حافة الطريق حين مر الموكب الجنائزي احتراما لروح الفقيد… وبعد حوالي نصف ساعة وصل الموكب إلى مدخل مدينة أولاد ميمون شمال تلمسان، أين تجمع عشرات السكان من محبي وأصدقاء الفقيد وعائلته وجيرانه، كانت أجواء مهيبة .. الحزن باد على وجوه المشيعين، أما شقيقه عمر فبمجرد أن أنزلت جثة الفقيد لأداء الصلاة عليها حتى انفجر بالبكاء وكان شقيقه الأصغر بجنب الناس على الجهة اليمنى للمقبرة والدموع لم تنزع من خده، فأخذ الناس يواسونه، ويعانقونه.. كانت جموع الناس تهلل وتكبر إذا ما مرّ عليهم جثمان الشهيد محمد الأمين. وبعد تأبينية أداها رائد في الجيش الوطني الشعبي على مسامع الحاضرين، قاموا بالصلاة على الميت، والدعاء له، وقال الإمام كلمة فيه، أين أشاد بخصاله حسب شهادات استقاها ممن يعرفونه وقال عنه: “إنّ قائده وجده مرة يبكي، فسأله.. لم البكاء؟ قال لأنني تأخرت عن صلاة الفجر”، أما شقيقه الذي تنقل إلى العاصمة لاستلام جثته فقال أن قائدا في الجيش قال له: “إن الله يحب أخاك”، حيث كان كل شيء سهلا بعد أن تعرفوا عليه بمجرد قراءة القلادة المعلقة على عنقه وكان شديد البكاء هو الآخر.
وقبل دفنه في قبره، أدت مجموعة من أفراد الدرك الوطني واجب التحية بتقديم السلاح قبل دفنه، ثم ووري الثرى وترحم عليه الحضور، مشيدين بخصاله.
دركي في بداية المشوار يعمل بسطيف
عبد المجيد.. أجرى آخر مكالمة مع والده من داخل الطائرة
خلف الشهيد عبد المجيد من سطيف حيرة كبيرة وسط عائلته، خاصة أنه لم يتجاوز الـ24 من العمر، فكان فراقه صعبا للغاية على والديه وكل الذين عرفوه.
عبد المجيد، دركي في بداية المشوار، يعمل بولاية تندوف، تنقل قبل الحادث رفقة والده من سطيف إلى بوفاريك، أين كان الوالد في توديعه ولم يغادر الأب البليدة حتى تلقى مكالمة هاتفية من عبد المجيد الذي أكد له بأنه ركب الطائرة وأخذ مكانه وهو الآن ينتظر لحظة الإقلاع، فتمنى له الأب طريق السلامة، وكانت هذه آخر مكالمة لعبد المجيد الذي طارت به الطائرة بلا رجعة.
وحسب جار الضحية، فإن الوالد فزع لما سمع بخبر سقوط الطائرة فهرع إلى بيت جاره يستفسر عن الحادث وكله أمل أن يكون هناك ناجون من هذه الكارثة، لكن الجار أكد له بكل أسف بأن كل الذين كانوا على متن الطائرة لقوا حتفهم. ورغم ذلك، لم يستسلم الوالد وأجرى عدة مكالمات هاتفية للسؤال عن ابنه، لكن كل الذين تحدث معهم أكدوا له بأن عبد المجيد فارق الحياة، ليتنقل بعدها إلى العاصمة للاطلاع على جثة ابنه المدلل الذي كان يرى فيه أمل الحياة، وكان يحلم بحضور حفل زواجه ومداعبة أحفاده. لكن قدر الله شاء أن يرحل عبد المجيد عن هذا العالم وهو في بداية مشواره المهني.
كان يستعد للزواج قبل أن يختطفه الموت
الدركي محمد تواتية.. قضى 3 أيام مع أهله وتوجه إلى قدره
استقبلت، الأربعاء الفارط، عائلة تواتية بدوار أولاد منصور ببلدية حمادية ولاية تيارت خبر استشهاد ابنها محمد بمزيج من الحزن والسعادة وحزن الفراق وسعادة الاستشهاد.
إلى غاية زوال الخميس كانت العائلة مع أهل القرية تنتظر الجثة، بعد أن سافر الأب والأم إلى البليدة من اجل اختبار الــ”أ. دي. أن” للتعرف على الجثة… فلقد كانت الحروق عميقة بعد السقوط مانعا من تحديد الهويات…
يقول عم الشهيد إنه رأى في التلفزيون صور الحادث ولكنه لم يتصور أن ابن أخيه من ضمن الضحايا… تابع الحادث كأي جزائري، ثم غادر خارجا نحو المقهى، لكن فاجأه أحد الأقارب بالسؤال عن محمد، وما إذا كان قد غادر البيت إلى البليدة للذهاب من هناك إلى تندوف، حيث عمله كدركي. وهنا راجع ذاكرته وخفق قلبه خوفا على ابن أخيه…
للتأكد، حاول عبثا الاتصال ببوفاريك، حيث يتم إعلام الأهالي بالأسماء، لم يكن الاسم من ضمن القائمة التي قرأها الدركي، في الجانب الآخر، اختلطت الأمور… هاتف محمد متوقف ولا تفسير آخر، إلا أن يكون من ضمن الهلكى…
في وسط بقايا الحريق، أحد معارف الفقيد قلب ما تم جمعه وكانت إحدى مستلزمات الفقيد مكتوبا عليها اسمه وتم التأكد أن اسم نواصرية محمد المسجل في قائمة الركاب هواسم الفقيد تواتية مكتوبا بذلك الشكل…
الأخ الأصغر يتحدث عن محمد وكيف أوصله إلى محطة النقل يودعه إلى البليدة ومنها يأخذ طريقه إلى تندوف، حيث يعمل في إحدى فرق الدرك الوطني… يتذكر حين قال له “اتهلاو في أرواحكم”.
الأخ الأكبر الذي لم يقاوم دموعه وهو يتحدث إلينا، أكد أن زيارته الأخيرة إلى البيت كانت بمناسبة إجرائه تحقيقا أمنيا لفائدة صديق من سطيف، فانتهز الفرصة وبات في البيت ثلاث ليال، في طريق عودته فقد اختار الطائرة وسيلة للتنقل نحو تندوف…
الجيران يتذكرون طيبة محمد وحبه للحياة ونضاله من أجل إخراج نفسه وعائلته من الفقر الذي تعيشه، وكيف اختار الالتحاق بالدرك سنة 2010 بعد أن درس عاما واحدا في الجامعة… لكن انتهى كل شيء ومعه أحلام محمد في الزواج، حيث كان قد خطب ويستعد للزواج… لكن كان للقدر رأي أخرى…
تضامن منقطع النظير مع عائلات الضحايا
قالمة تبكي 10 شهداء من خيرة أبنائها
لبست ولاية قالمة، ثوب الحداد بعد فقدانها لـعشرة شهداء، من الذين فقدوا حياتهم إثر سقوط الطائرة العسكرية، بالقرب من مطار بوفاريك الاربعاء. وينحدر الشهداء العشرة من مختلف بلديات الولاية، التي فقدت شبابا في مقتبل العمر، كانوا في رحلة مهنية للإلتحاق بمهامهم وأدائهم لواجبهم في الحفاظ على أمن الوطن من خلال حراسة الحدود بكل من بشار وتيندوف. وكانت ولاية قالمة قد سجلت حصيلة جد ثقيلة لضحايا حادثة سقوط الطائرة العسكرية، باستشهاد عشرة أشخاص، ينحدرون من بلديات مختلفة، أبدى سكانها تضامنهم الواسع مع عائلات الضحايا، الذين تحولت سكناتهم إلى قبلة لعشرات المواطنين، الذين جاءوا حتى من بعض البلديات المجاورة للبلديات التي ينحدر منها الضحايا، من اجل واجب العزاء والوقوف مع العائلات في مصابها الجلل.
ونصبت العائلات المفجوعة في أبنائها خيما أمام بيوتها وأقامت مجالس عزّاء لأبنائها، فيما تنقل ذووهم إلى الجزائر العاصمة بغرض إجراء التحاليل اللازمة الخاصة بالحمض النووي لتحديد هوية صاحب كل جثّة قبل تسليمها إلى الأهل، الذين ينتظرون استلام جثث أبنائهم لإتمام إجراءات دفنها. وفي أجواء امتزجت فيها صور الذكريات الجميلة بمشاعر الحزن والأسى، استحضر البعض من المعزّين علاقاتهم مع الضحايا، وآخر لقاءاتهم بهم، قبل مغادرة بلدياتهم بولاية قالمة.
قائـمـة شهداء قالمة
1 ـ بلعيد نوار ـ بلدية بوشقوف 2 ـ سلطاني وليد ـ بلدية بوحشانة 3 ـ منايعية حاتم ـ بلدية وادي الشحم 4 ـ عويسي باسم ـ بلدية هواري بومدين 5 ـ طواس أنيس 6 ـ هامل يعقوب 7 ـ طوافشي عبد القادر، 8 ـ حملة كمال، 9 ـ بوسلبة رزيق 10 ـ بوالصيود مداني.
كان يُفترض أن يقود الطائرة من بشار إلى تندوف
الشهيد محرز.. قصة أليمة للطيّار ابن حيّ الينابيع بالعاصمة
الفقيد أقام مأدبة عشاء لوالديه قبل أسبوع.. وابنته تسأل: أين والدي؟
رائحة الحزن تخنقك وأنت تدخل حي الينابيع ببئر مراد ريس بالعاصمة، الكل يبكى عزيزا، ويثني على شيمه وأخلاقه.. الجميع متأثر بأبناء الجزائر الذين استشهدوا إثر سقوط طائرة عسكرية ببوفاريك، والحي كله تغمره مشاعر مختلطة بين الفخر بابنهم والحزن بعد وفاة نائب قائد الطائرة “صديقي محرز” وعزاؤهم الوحيد جملة “قدر الله وما شاء فعل”.
”الشهيد محرز لا يموت”، ”سيبقي في قلوبنا”، بهذه الكلمات استقبلنا سكان حي الينابيع ببلدية بئر مراد ريس، حيث أصبح صديقي محرز حديث العام والخاص في الحي والكل يجزم ويشهد بالكفاءة العالية في مجال الملاحة الجوية العسكرية.
استقبلنا والد الضحية السيد صديقي ربيع، بعد تقديم واجب العزاء، اعتذر عن عدم الحديث بسبب تواجده في حالة يرثى لها وأكد “أعزي نفسي وأعزي الجزائر على إثر وفاة 257 شهيد، الله يرحم شهداء الواجب، وأدعو الجزائريين إلى الدعاء لهم والدعاء لابني محرز الذي أفتخر به”.. ليتقدم عم الضحية صديقي الذي لم يستطع أن يتمالك نفسه وانهارَ بالبكاء أمام أعينينا، ليصمت قليلا، ثم يؤكد لنا أن ابن أخيه رجل طيب وحنون.
وأكد العم أن الضحية استيقظ على الساعة الرابعة صباحا من أجل السفر إلى تندوف مرورا ببشار بصفته طيارا رفقة 10 أفراد من طاقم الطائرة كالعادة، وكان من المفترض أن يقود صديقي محرز الطائرة من بشار إلى ولاية تندوف، ليتم تلقي الخبر الحزين من قبل أحد الجيران وبعد اتصال والد الضحية بمنزل ابنه الشهيد المتواجد في بوفاريك، ردت إحدى الجارات التي أكدت له الخبر وقالت ”زوجة محرز لا يمكنها الرد لقد توفي زوجها”.. يصمت، ثم يكمل خبر وفاة محرز نزل علينا كالصاعقة.
الشهيد البالغ من العمر 41 سنة، أب لـ3 أطفال، بينهم طفلتان، وابنته الكبرى التي تبلغ من العمر 10 سنوات ستجتاز امتحان التعليم الابتدائي والأصغر يبلغ من العمر سنة ونصف سنة، وأكد عمه أنه منذ أسبوع قام بدعوة والده ووالدته للمبيت عنده، حيث أقام لهما مأدبة عشاء.
وأثناء تواجد “الشروق” في بيته العائلي، التقينا والدة الضحية وقدَّمنا لها واجب العزاء حيث بدت مفجوعة لفقدان فلذة كبدها وراحت تقول ”أدعيو لوليدي ربي يرحمو”، أما ابنة الضحية الوسطى فهي في كل دقيقة تسأل على والدها وتقول لهم ”أريد الحديث مع أبي في الهاتف”.
3 شهداء من أدرار في تحطم الطائرة العسكرية
فقدت ولاية أدرار خلال الحادث المأسوي الأخير المتمثل في سقوط الطائرة العسكرية ببوفاريك ثلاثة شهداء من خيرة أبناء الولاية، ويتعلق الأمر بالعريف المتعاقد بالقوات الجوية بوبكر لحسن المنحدر من قصر تاغوزي ببلدية طلمين دائرة شروين في المقاطعة الإدارية تيميمون شمال مقر الولاية أدرار، والرائد الذي يعمل كمهندس صيانة الطيران عبد الحفيظ حفوض المنحدر من قصر سيدي يوسف بلدية فنوغيل جنوب مقر الولاية أدرار، إضافة إلى العريف الأول بالحرس الجمهوري رقاد أسامة المنحدر من ولاية بشار والمقيم بحي أول نوفمبر “400 مسكن” وسط مدينة أدرار.
وكانت الجزائر قد عاشت صباح الأربعاء المنصرم فاجعة مأسوية إثر سقوط طائرة من طراز أليوشين. بمنطقة فلاحية تعرف بسي بن يوسف رقم 1 بالقرب من المطار العسكري ببوفاريك ولاية البليدة مخلفة استشهاد 247 مسافر و10 أفراد من طقم الطائرة، فيما يُعد أغلب الشهداء من العسكريين إضافة إلى بعض عائلاتهم حسب ما تم تأكيده في البيان الصادر عن وزارة الدفاع الوطني.
ستة شهداء من بينهم معلمة متقاعدة من ضحايا الطائرة بباتنة
أكدت، أمس، مصادر مؤكدة، ارتفاع عدد شهداء الطائرة العسكرية ببوفاريك، المنحدرين من ولاية باتنة، إلى ستة أفراد من بينهم امرأة عقب تأكد استشهاد المعلمة المتقاعدة صفية مقلاتني، في الحادث، حيث كانت بصدد زيارة ابنها في بشار، كما ارتقى في هذه الفاجعة الجندي عادل عماجي المقيم بحي السوندا ببلدية أريس 60 كلم شرق باتنة. وكانت الحصيلة الأولية أشارت خلال اليوم الأول إلى استشهاد أربعة من أبناء الجيش، على رأسهم الرائد الطيار رضا فلوسي المنحدر من منطقة غوفي بلدية غسيرة المقيم بمدينة باتنة، وهو متزوج وأب لطفلين، وكل من أمين عمران وصلاح عبدي المقيمين بقرية الشهيد علي النمر بلدية مروانة، هاني بوتمجت المقيم بمقر بلدية مروانة. وكشفت مصادر رسمية أمس أن عملية جلب الجثامين سيتم مساء قبل الانطلاق في مراسيم التشييع والدفن بمناطق سكن الشهداء بحضور السلطات المدنية والعسكرية وجموع غفيرة من المواطنين.
إعلاميون عرب يعزون الجزائريين!
شارك عدد من الإعلاميين العرب حزن الشعب الجزائري فيما بات يعرف بفاجعة “الأربعاء الأسود”، بعد سقوط طائرة عسكرية بمنطقة بوفاريك، وأدى الحادث إلى سقوط 257 ضحية، من بينهم عائلات بأكملها.
ونعى المذيع السوري مصطفى الآغا، ضحايا الطائرة العسكرية المنكوبة ونشر علم الجزائر ومقام الشهيد مغردا على صفحته في “تويتر”: “خالص العزاء للجزائر حكومة وشعباً بمصابهم الأليم وإنا لله وإنا إليه راجعون”. وكتبت الإعلامية الأردنية علا الفارس: “تعازينا الخالصة لأسر ضحايا الطائرة العسكرية وأيضاً للشعب الجزائري العزيز الله يحفظكم جميعاً. نسأل الله الصبر والسلوان لذوي الضحايا”. فيما أعربت لجين عمران عن خزنها قائلة: “أتقدّم بأحر التعازي وصادق المواساة للشعب الجزائري العزيز ولعائلات شهداء الواجب والوطن. رحمهم الله وأدخلهم فسيح جناته وألهم ذويهم والشعب الجزائري الصبر والسلوان، انا لله وإنا إليه راجعون”.
ورقلة: صحافيون ومجتمع مدني يتضامنون مع عائلات ضحايا الطائرة العسكرية
نظمت الخميس بورقلة مجموعة من الصحافيين وعناصر المجتمع المدني وقفة تضامنية مع عائلات ضحايا الطائرة التي تحطمت في بوفاريك الأربعاء الأسود. ودعا إلى هذه الوقفة الزميل الصحفي حكيم عزي مدير المكتب الجهوي لـ “الشروق” بورقلة بالتنسيق مع عدد من رجال مهنة المتاعب.
ولبى عدد معتبر من الإعلاميين هذه الدعوة إلى جانب ممثلي المجتمع المدني، وممثل الشؤون الدينية الشيخ مسعود بن عامر، حيث ألقى هذا الأخير كلمة بالمناسبة عرج فيها على تضحيات الشهداء من أجل الجزائر وما قدموه من خدمة جليلة للوطن، ولم يفوّت الحضور الفرصة، للتذكير بمناقب قائد الطائرة وخصاله والذي جنب بوفاريك كارثة كانت من المحتمل أن تقع، وذلك بفضل حنكته وخبرته في مجال الطيران، إذ ضحى بنفسه من أجل الآخرين في لحظة عصيبة.
وتحدث الحضور خلال هذه الوقفة عن تضامنهم الكبير مع عائلات الضحايا وأبنائهم في موقف جماعي موحد أبان عن مدى تماسك المجتمع الجزائري والأسرة الإعلامية وكافة أطياف المجتمع المدني.
يذكر أن هذه المبادرة استحسنها الجميع ولقيت تجاوبا كبيرا عبر صفحات شبكة التواصل الاجتماعي من حيث توقيتها ورمزيتها.
وتعرف مختلف مناطق ورقلة ومجالس فعاليات المجتمع المدني من شيوخ وكهول وشباب تضامنا كبيرا مع شهداء تحطّم الطائرة وعائلاتهم، حيث يعد حديث الساعة في كل المجالس، بالإضافة إلى جلسات الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، ناهيك عن إلغاء جميع المناسبات من أفراح أو احتفالات بعيد العلم وغيرها من المناسبات على مستوى ورقلة وقراها ومداشرها، أما على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الفايسبوك فنلاحظ تضامنا منقطع النظير، سواء من خلال الصور المعروضة أو التعاليق أو الرسومات والمعبرة جميعها على قوة تلاحم سكان المنطقة مع عائلات ضحايا المأساة ودعمهم معنويا بكل أشكال التآزر.
أما على مستوى المساجد، فقد بُرمجت دروس للأئمة تحث على التضامن مع عائلات الضحايا، وعلى الصبر والسلوان ودعاء للشهداء بالرحمة والمغفرة والدعوة إلى تلاحم أفراد المجتمع.