الاستغفار أحد أهمِّ أسباب مغفرة الذنوب: فإن الاستغفار سببٌ رئيسيٌ لمغفرة جميع الذنوب كبيرها وصغيرها، وتكفير السيئات والآثام بمختلف أشكالها وصورها، قال تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً).
أما من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ورد في الحديث القدسي الذي يرويه المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ربه أن للاستغفار أثراً في تكفير الذنوب والآثام حيث يروي أَبو ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا... يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ).
الاستغفار سببٌ للأمان من عقوبة الله وعذابه: فإن الاستغفار سببٌ للأمن من العقوبة بعد الذنب ما دام العبد مواظباً على الاستغفار وملازماً له، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
كما رُوي عَنْ عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قَال: (... كان فيهم أمانانِ: نبيُّ اللهِ والاستغفارُ قال: فذهبَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلى آلهِ وسلَّمَ وبقيَ الاستغفارُ).
فقد جعل الله سبحانه وتعالى للناس أمنَين كما جاء في الحديث سالف الذكر هما رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، فأما الأمان الأول الذي هو النبي فقد زال بوفاته، وأما الاستغفار فهو باقٍ إلى قيام الساعة. الاستغفار سبب لتفريج الكروب والهموم، وهو وسيلةٌ لجلب الرزق: ومن أبرز الأدلة على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ).
الاستغفار سببٌ لنزول الغيث وتكثير الزرع وتوفر المياه: وهو جالبٌ للنسل وقوةٌ في الأرض ونماءٌ في الرزق، وبابٌ لتكثير النعم في الفيافي والقفار، قال تعالى: (فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً).
الاستغفار سبيلٌ لتنزُّل الرحمات الإلهية، وبابٌ لعموم الألطاف الربانية، وفيه يتحقق الفلاح للمسلم في الدنيا والآخرة. الاستغفار في الأمة بمجموعها أو أفرادها سببٌ تُدفع فيه البلايا والنقم عن بلاد المسلمين، وهو بابٌ تُرفَع من خلاله الفتن عن الأمة وبه تتجاوز الأمة ما يُصيبها من المحن، بالاستغفار يُغيظ المسلم الشيطان. إن العبد المستغفر يمتّعه الله متاعاً حسناً في الدنيا والآخرة، ويرزقه من حيث لا يحتسب. المستغفرون هم أقل الناس وزراً يوم القيامة وأقلهم حملاً وأكثرهم حسنات.