لوجدت كثيرين يرتكبون بسببها وتأثيرتها، أفعالاً لا يتنبهون لها غالباً إلا بعد فوات الأوان ، حين يغيب العقل أثناء الموقف حيث سيطرة النفس الشريرة على الموقف تكون بالغة ، وهي من توجه دفة الأحداث، وبسبب تلك السيطرة الشريرة غير الواعية تمتلئ السجون بالموقوفين أياماً أو أسابيع وبعضهم إلى أشهر وسنوات.
إن الغضب والعصبية أو القسوة والشدة في التعامل مع الأحداث الحياتية اليومية، من شأنها بكل تأكيد أن تضعف عضلات القلب، كما يقول الأطباء ، وتتسبب في فتح أبوابه لكثير من العلل والأمراض، فيندم المرء على كل لحظة غضب أو إثارة لم يكن لها داع أو معنى، يوم أن يقع ضحية لأزمة قلبية أو ذبحة صدرية أو جلطة دموية، أو سمها ما شئت، فكلها نفس المعنى وتؤدي إلى نفس النتيجة، لا قدر الله عليك وعلينا جميعا ، فلا تجعل من الغضب أو تغييب العقل وطمس القلب لأتفه الأمور ، منهجاً أو طريقة حياة في التعامل مع مفردات هذه الحياة، بل عليك العكس من ذلك.. كيف ؟
إنه عبر خُلُق التسامح والتجاوز عن الأخطاء والهفوات.. فهو خُلق رفيع وطيب راق ، يدفع بالقلب إلى العمل بكفاءة ومن شأنه إبعاد هذا القلب المنهوك في كثير من المهام الحياتية ، عن مواطن الخلل والعلل التي تتكاثر يومياً في زمننا هذا..
لكن قد يتساءل أحدكم ويقول : هل التسامح مؤشر على أنه تنازل عن حق أو أنه خوف ومذلة، مخافة أمور عظيمة وتبعات لا يتحملها البعض ، فيلجأ إلى التسامح مكرهاً غير راغب ؟ بالطبع ليس هكذا هو التسامح الذي نريد أن نتحدث عنه وندعو إليه ، لأن الذي أقصد به هو ذاك النوع الذي نريده أن يكون منهج حياة أو طريقة حياة ، وليس رد فعل لواقعة عابرة .. إذ حين تتسامح مع المخطئ مثلاً أو من يرتكب حماقة أمامك أو معك، فأنت لا تتنازل عن حقك، بل تتعالى وتترفع عن السقوط في الحماقة أو الخطأ الذي يحدث.
إنك تترفع وتزداد شموخاً في التعاطي مع تلك الأمور الصغيرة، وبالتالي تُنفّس عما يحدث بداخلك من مشاعر غيظ تجاه الذي يقع أمامك أو معك، ولكنه التنفيس الراقي الشامخ، وليس ذاك الذي يترجمه البعض على شكل عراك بالأيدي أو لعنات وشتائم.. ولنا في ذلك قدوتنا دوماً وأبداً ، الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام .. فماذا ترى؟