هناك وحينما تكون الزوجة بجانبك ، والفراش قد التصق بك من كل جانب .
في تلك اللحظات وعبر تلك المساكن التي تمتد على هذا الكوكب ، هناك في ذلك البيت ، في ذلك القصر ، في ذلك الكوخ، في ذلك البستان ، في ذلك البيت المتهالك ، في ذلك السجن ، في تلك الغرفة ، في تلك الخيمة ، في ذلك الطريق ، في ذلك المستشفى ، وفي المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي ، وفي المسجد الأقصى .
وفي المسجد الصغير والكبير ..
في الشتاء حيث الثلوج تتساقط والبرد يلف المكان ..
في الصيف حيث الحرارة الملتهبة تملأ تلك الغرف ..
هناك أناس تأبى جنوبهم أن تبقى على الفراش .
تتجافى جنوبهم ، وكأن هناك حدث كبير يجعلها ترفض ذلك الفراش ..
تتجافى جنوبهم ، رجالاً أو نساءً ، شباباً وشيباً ، يقومون ، يغسلون وجوههم من أثر النوم ، لكي يغسلوا قلوبهم بحلاوة السجود .
تتجافى حياتهم عن التعلق بالأرض لتنهض في مناجاة مع فاطر السماوات والأرض .
تتجافى عيونهم من سكونها لعل دموع الشوق لربها أن تتقاطر عبر تلك الركعات .
تتجافى قلوبهم عن الغفلة والكسل لكي تتذوق معاني الأنس مع الله الحميد المجيد .
تتجافى همومهم عن قلوبهم ، لكي يبثوها لمولاهم الذي سيرأف بهم ويكشف همومهم .
تتجافى أمانيهم عن التعلق بالبشر ليطلقوها في الظلام بصوت مقرون بالبكاء لله اللطيف الخبير.
تتجافى أيديهم لترتفع بالقنوت لله القريب المجيب الذي يستحي من تلك الأيادي التي رفعت في الظلام بين يديه.
تتجافى أقدامهم عن الفراش لكي تقف بكل أدب بين يدي الله الكبير المتعال .
تتجافى طموحاتهم عن البقاء مع ركب النائمين لكي تسير مع قوافل المتهجدين .
تتجافى أجسادهم من غرفهم المظلمة وتبحث عن النور الذي سيضيء قبورهم .
تتجافى أرواحهم عن علائق الدنيا لتتصل بالله حيث الحياة الحقيقية في المناجاة بين يديه، واستنشاق الروح والريحان من خلال هداياه التي يبثها في الظلام .
تتجافى جنوبهم وجوارحهم ومقاصدهم .
كل شيء يتجافى .. نعم .. لقد نزل الرب إلى السماء الدنيا لينثر عطاياه .