لم تعد قوافل المهاجرين غير الشرعيين تقتصر على المراهقين والشباب الراغبين في قطع المتوسط باتجاه الضفة الأخرى، بل شملت هذه المرة فتيات في عمر الزهور وأمهات مرفقات بفلذات أكبادهن، فضلن ترك أرض الوطن وخوض المغامرة على متن زوارق الموت بحثا عن حياة أفضل وعيش رغد، وقد تنتهي الرحلة بتحقيق حلمهن أو في بطن الحوت.
اكتسحت صور وفيديوهات الزوارق التي تحمل على متنها فتيات وسيدات قررن خوض تجربة الهجرة غير الشرعية "الحرقة" مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يظهرن في الصور وهن على أهبة الاستعداد لمغادرة التراب الوطني وخوض تجربة الهجرة لبلاد الغرب، ومن خلال ما شاهدناه من مقاطع فيديو منتشرة على مختلف صفحات "الفايسبوك" يجلسن مطمئنات إلى جانب الرجال، ومنهن من تحمل معها بناتها وهناك شقيقات يهاجرن مع بعض في شكل مجموعة نسوية مصغرة ولا يضايقهن تواجدهن رفقة رجال في رحلة مجهولة.
ولا يكاد يخلو زورق حرقة هذه الأيام من العنصر النسوي واللواتي بقين لسنوات بعيدات عن فكرة السفر بمفردهن خوفا من المصير المعتم الذي ينتظرهن بمفردهن في بلاد أجنبية بعيدا عن أعين أقاربهن ومعارفهن، وأثارت هذه الصور حفيظة الكثير من الغيورين على بنات وطنهن، والذين استغربوا الأسباب التي تدفع فتيات لترك بلدهن والارتماء في أحضان المجهول في عرض البحر والعيش في بلد غربي دون مأوى أو وظيفة أو مال.
وصب رواد "الفايسبوك" جم غضبهم على عائلات الفتيات وأولياء أمورهن الذين قذفوا بناتهم في طريق صعبة يهاب حتى بعض الرجال خوضها لما فيها من صعوبات ومشاكل والأمثلة عديدة، فالكثير من الفتيات سافرن رفقة أزواجهن و لما تطلقن ضعن في الخارج ووجدن أنفسهن بدون مأوى أو معيل ولا يمتلكن حتى ثمن تذاكر العودة لأرض الوطن، وهناك من ولجن عالم الدعارة وانغمسن في الحرام حتى يتمكن من إعالة أنفسهن، فالحياة هناك أصعب بكثير من بلادنا.
وفي هذا الصدد، استنكرت رئيسة المرصد الوطني للمرأة والأسرة، بشدة ما تقدم عليه هذه الفئة من الفتيات، معتبرة تفكيرهن غير سليم، فالمرأة في بلادنا حيث الإسلام والحرمة ولم تسلم من الأطماع والمضايقات، فما بالك لو كانت في بلاد أجنبية كل شيء فيها مباح، فالكثير من النساء والرجال هاجروا بشهاداتهم ومستويات تعليمية رفيعة واصطدموا بصعوبات ومشاكل.
وأضافت شائعة جعفري الأوضاع الراهنة في بلادنا ليست كارثية للدرجة التي تضطر فيها النساء للهجرة، معترفة بصعوبة المعيشة، لكنها ليست سببا لمغادرة البلاد بهذه الطريقة غير الشرعية على حد قول محدثتنا، واعتبرت النساء اللواتي يقبلن على السفر لبلاد الغرب بهذه الطريقة سيعملن عملا لا يمكنهن ممارسته في بلادهن وسط أهلهن، والكثيرات احترفن الرذيلة في غياب الأب، الأم، الأخ وحتى أفراد عائلتها الكبيرة.
وذكرت محدثتنا بأن المهاجرات غير الشرعيات في الخارج سيواجهن مشاكل أكبر من الموجودة في الجزائر، لكن غالبيتهن لا يملكن تصورا حول ما سينتظرهن، ولا عن طبيعة المعيشة ومعاناة المرأة هناك. ودعت رئيسة المرصد الوطني للمرأة والأسرة المختصين في علم الاجتماع للقيام بدراسات ميدانية معمقة حول هذه الفئة قبل أن تزداد انتشارا وتتحول لظاهرة عامة.