وقال عز وجل: (و الله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) وأخبر سبحانه أن رضاه تبارك وتعالى في شكره فقال تعالى: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم) وأخبر سبحانه وتعالى إنما يعبد ه من شكره فمن لم يشكره لم يكن من أهل عبادته، فقال تعالى: (واشكروا لله إن كنتم إياه تعبد ون) وأثنى الله سبحانه وتعالى على أول رسول بعثه إلى أهل الأرض بالشكر فقال: (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبد ًا شكورًا). ووصف الله تعالى الشاكرين بأنهم قليل من عباده فقال تعالى: (وقليل من عبادي الشكور). وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل حتى تفطرت قدماه، فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبد ًا شكورًا؟). وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: (و الله إني لأحبك فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
وأخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن الشكر يحفظ النعم وذلك لما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها). وقال صلى الله عليه وسلم: (ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها، إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة). والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا ولسانًا ذاكرًا وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة). وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبد ي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبد ي؟ فيقولون: حمدك واسترجع فيقول الله: ابنوا لعبد ي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد). وعن صهيب بن سنان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له)، وحقيقة الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبد ه: ثناء واعترافًا وعلى قلبه: شهودًا ومحبة، وعلى جوارحه: انقيادًا وطاعة. الحمد لله كلمة كل شاكر قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: الحمد لله كلمة كل شاكر وأن آدم عليه السلام قال حين عطس: الحمد لله. وقال الله لنوح عليه السلام: (فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين).
وقال إبراهيم عليه السلام: (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق). وقال سليمان وداود عليهما السلام: (وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين). وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام: (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا).
وقال أهل الجنة: (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن). الشكر بالقلب واللسان والجوارح أما الشكر بالقلب فهو أن يقصد الخير ويضمره للخلق كافة وأما باللسان: فهو إظهارالشكر لله بالتحميد.
وأما بالجوارح: فهو استعمال نعم الله عز وجل في طاعته والتوقي من الاستعانة بها على معصيته فمن شكر العينين أن تستر كل عيب تراه لمسلم ومن شكر الأذنين أن تستر كل عيب تسمعه فهذا يدخل في جملة شكر هذه الأعضاء.