فهذِهِ الأسئلة حياتُك ووقتك هِيَ التي سَوف تُجيبُ على الأسئلة ، إمّا أن تكون حياتُك بَعدَ الممات وتفوزُ بالجنّة أو مماتُكَ بَعد الموت وتدخل النار والعياذُ بالله، فَقَد قال الرسول عليه الصلاة والسّلام: "نِعمتان مَغبونٌ فِيهِما كثيرٌ مِنَ النّاس: الصّحة والفراغ" (رواه البخاري)، فيعلّمنا الرسول عليه السلام أنّ أغلبَ الناس ينسونَ الوقت ولا يستغلونهُ بالشكلِ الصحيح ولا يدرِكُونَ ذلك إلا بعدَ فواتِ الأون بعد أن يخسر الإنسان عُمرهُ وصحّتهُ يبدأ بتذكّر مّا فعلهُ في الماضي، وأعوذ من أن نكون مِن أصحابِ الذينَ أضاعوا وقتهم وحياتهم سُدى دُونَ أن يَفعَلوا أشياءً تُقَرّبَهُم إلى الله. قال الرسول صلى الله عليه وسلّم: (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ)، إذَن سَتُسأل عَن كُلّ صَغيرَةٍ وَكبيرة فِي حياتك، وكيفَ أفنيتَ الوقت، وعلى ماذا أفنيتَهُ، وجميعُنا سَنُوضَعُ تَحتَ هذا الاختبار فَجَهّز نَفسَكَ لهذا السؤال لأنّهُ أوّل ما تسألُ عَنهُ يومَ القيامة، لذلك دعنا نتعلّم مِن خِلالِ مَوقِع موضوع على أهَميّة الوقتِ فِي الإسلام وكيفَ تُديرُ الوقت بَينَ حياتك الدينيّة والعَمَلِيّة وكيفَ تَعمَل على تَحسِينِها بالشّكل الصّحيح.
عَمَلُ الصالحات
أخي المسلم أختي المُسلمة إذا أردتَ أن تكونَ حياتُكَ مَليئَةٍ بالسعادة وتحقيقها فِي الدُنيا والآخرة والفَوزِ بِهِمَا عليكَ أن تجعَلَ حياتك كلّها لله، في أيّ مكان تذهبهُ وأيّ فعل تفعلهُ اجعلهُ خالصاً لله وسيرضيكَ الله أضعافَ ما كُنتَ تتوقّع، فَهَل هناك أجمل من أن تكون خادماً لله تعالى وَهُوَ مَلِكُ المُلوك، فإنّ أعلى مَرتِبَة فِي النَجاح مُمكِن أن تصلَ إليهِا فِي حياتك هو أن تقتنعُ بأن تعيشَ لإرضائهِ وإحياءِ كلماته مِن خِلالِ استغلالِ الأوقات بالأمورِ الصالحة، والابتعادِ عَن مُحرّماتِ الله خوفاً وطمعاً برضاه، فإن رضي الله عنك اعلم أنّكَ في منزلَةٍ عَظيمَة لديه، وأنّك مِن خَيرِ النّاس عِندهُ وهو سوف يجازيك ويرضيكَ في الدنيا والآخرة بحسبِ الأعمال التي تؤدّيها. وقال الرسول عليهِ السّلام : "ثلاثة أقسِم عليهِنّ، وأحدّثَكُم حديثاً فاحفظوه: ما نقصَ مالٌ عبد مِن صَدَقَة، ولا ظلمِ عبد مُظلِمَة فصبر عليها، إلا زادَهُ الله بها عِزاً، ولا فَتَحَ عبدُ بابَ مَسألة إلا فَتَحَ الله عليه باب فقر".
الوصولِ إلى الخاتِمَة النّافِعَة
مِنَ المَعرُوفِ أنّ كُل إنسان لَديهِ عُمُر مُحدّد منذُ بدايةِ خَلقهِ إلى نهايتهِ، والمُؤمِن الحقيقي يَشعُرُ بهذا الإحساس مِن أعماقِ قلبهِ وأنّ الموت حَقّ لا مَهربَ مِنهُ، وبالتالي الوقت مُهِم حتّى يستطيعَ المؤمن بتسجيلِ أكبر قَدَر مِنَ الأعمالِ الصالحة، وقال الله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا)، وبالتالي الإنسان حِسابهُ عِندَ الله مُرتَبِط مَعِ الزّمَن وأن يَجعَلَ بَينَهُ وَبينَ السّوءِ حَدّاً فاصِلاً، والخاتمة الجيّدة عِندَ الموت مَربوطَةٍ بالأعمال التي كان يُقدِم عليها الإنسان، فَعَن سهل بِن سَعِد رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليهِ وسلّم قال : "إن العبدَ لَيَعمَل عَمَلِ أهل النار وإنّهُ مِن أهلِ الجنة، وَيَعمَلُ عَمَلِ أهلِ الجنة وإنّهُ مِن أهلِ النار. الأعمال بالخواتيم. وَفِي رواية للإمامِ أحمَد فِي المُسنَد صَحّحَهُا الأرناؤوط : وإنّما الأعمالُ بالخواتِيم" (صَحيحِ البُخارِيّ).
طرق تشجيعِ استغلالِ الوقت في الإسلام
إنّ الإسلام دِينٌ متكامل لأنّهُ من عند الله، وهناك الكثير مِن أبواب الآداب مِنها أن لا يضيّع المؤمن وَقتهُ فِي لَغوِ الحديث، بل جَميعُ وَقتِهِ للعَمَلِ الجاد المثمر فِي الحياةِ الدنيا والآخرة بقولهِ تعالى : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) لذلِكَ هُوَ طَريقٌ للنَجَاح والإثمارِ وَتَحقِيقِ الثّروَةِ فِي الحياةِ الدُنيا والآخِرة، وقال الله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) والحياة الطيّبة لا تَنالُ إلاّ بالإيمانِ والعَمَلِ الصّالِح، ومن الطرق التي تساعد على استغلال الوقت في النافع: مُحاسبةِ النفس: هِيَ مِن أحَدِ أهمّ الوسائل التي مُمكِن أن يَغتَنِمَها الإنسان فِي طاعةِ الله، وَهُوَ الطريق الذي كانَ يَسلُكَهُ الصالحين والتابعين، ويجب عليك أن تحاسب نفسكَ دائماً ومَعرِفَةِ الوقت فِيما أنفَقتَهُ. مُصاحَبَةِ الأشخاص المُهتَمّينَ بالوقت: هؤلاءِ الأشخاص هُم الأكثر أهميّة فِي حياتك، لأنّهم حريصين كلّ الحرص على استغلالِ أوقاتِهِم مِن أجلِ تحقيق غاياتهم الدنيويّة وكسبِ رِضَا الله.