أثار تصريح وزير العدل الطيب لوح، حول التبليغ عن قضايا الفساد، انتباه الكثير من المواطنين الجزائريين خاصة الذين عانوا من ظلم الإدارة أو وقفوا عن حالات لهدر المال العام في مؤسسات عمومية أو في الشارع، غير أن أغلب هؤلاء يجهلون الطرق القانونية لكشف الحقائق أمام الجهات القضائية.
وحسب استطلاع قامت به "الشروق"، فإن أغلب الجزائريين الذين يرغبون في محاربة الفساد عن طريق كشف أمور وتجاوزات في بعض الإدارات، يتميزون بحماسة واندفاع دون معرفتهم للتجاوزات القانونية التي قد تدخلهم أروقة العدالة كمتهمين وليسوا مبلغين عن الفساد.
يؤكد حقوقيون أن 50 من المائة من الموظفين أو العمال في المؤسسات العمومية اتهموا بالوشاية الكاذبة بعد تبليغهم عن قضايا فساد أو تجاوزات أدت لإهدار المال العام، ومن بين هؤلاء من كانوا صادقين وعلى حق لكنهم لم يقدموا أدلة مادية كافية، وأوضحوا أن دعوة الوزير للإبلاغ عن الفساد فتح باب الانتقام وتصفية الحسابات دون أدنى وعي قانوني.
وقال المحامي عمار حمديني، محام لدى مجلس قضاء الجزائر، إن المبلغين عن الفساد من المواطنين البسطاء لم يستغلوا الحماية القانونية اللازمة لنجاح مساعيهم، حيث أكد أن بعضهم استغلوا الوسائل التكنولوجية الحديثة كالهاتف النقال، والفايسبوك، وآلة التصوير وآلة التسجيل لكشف تصرفات بعض المسئولين، أو تعاطي رشاوى أو معاملات سيئة للمواطنين، دون إذن من وكيل الجمهورية حيث اتهموا في الأخير بتسجيل وتصوير أشخاص دون علمهم وحكم عليهم بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات حبسا نافذا، وقد يكونون على حق لكنهم لم يتصرفوا في إطار ما ينص عليه القانون.
وأشار حمديني إلى أن هناك رغبة جامحة من المواطن الجزائري في محاربة الفساد، وهذه الرغبة حسبه قد تضع الجزائريين خاصة المقهورين من طرف الإدارة العمومية والذين يعانون ضغوطات في مناصب عملهم في ورطة حيث سيجرهم ذلك إلى المحاكم بتهمة إزعاج السلطات.
ودعا المحامي عمار حمديني، لضرورة توعية المواطن عن طريق وسائل الإعلام ومطالبته بتقديم أدلة مادية دامغة وإبلاغ وكلاء الجمهورية قبل استعمالهم للوسائل التكنولوجية الحديثة.
وقال حمديني، إن الجزائريين رغم اهتمامهم بكشف الفساد إلا أن ذلك صعب في إطار السرية التي يتبعها موظفون وإطارات في مؤسسات عمومية يختلسون ويهدرون أموال الشعب.