تعتزم الحكومة مراجعة تسعيرة الماء بداية من السنة القادمة، وذلك بإقرار تعريفيتين عوض نظام التعريفة الموحدة المعتمد في الوقت الراهن، الأمر الذي سيخلف تصنيفا للمستهلكين، فيما سيقلص من حجم أموال الدعم الموجهة للتسعيرة والتي تصل الى 4 أضعاف التسعيرة الحالية.
علمت الشروق من مصادر حكومية أن الجهاز التنفيذي قرر تعميم تجربة مراجعة تعريفة الكهرباء التي طبقتها على كبار المستهلكين التي اعتمدت بداية السنة الجارية على تسعيرة الماء، وذلك بداية من السنة القادمة، حيث ضمنت وزارة المالية حسب مصادر الشروق النسخة الأولية للمشروع التمهيدي المتضمن قانون المالية التكميلي المقرر الشروع في مناقشته هذا الأسبوع، بمادة جديدة ضمن الشق التشريعي تخص التعريفة الحالية المطبقة على سعر الماء، حيث تقرر مبدئيا وبعد دراسة أجرتها وزارة الموارد المائية كشفت أن نسبة التبذير لدى صغار وكبار المستهلكين كبيرة، ولا علاج لها سوى رفع التعريفة عند تجاوز نسبة استهلاك معينة شأنها في ذلك شأن تسعيرة الكهرباء.
مراجعة التعريفة الحالية المطبقة على سعر الماء ترمي حسب مصادرنا الى تحقيق مجموعة من الأهداف يتقدمها الحد من التبذير وتقليص الغلاف المالي الموجه لدعم استهلاك هذه المادة الإستراتيجية والذي يكلف خزينة الدولة أموالا كبيرة، تطبيقا للنموذج الاقتصادي الجديد الذي يقر تقليصا في الإنفاق العمومي.
مراجعة تسعيرة الماء والتي تأتي بعد مراجعة تسعيرة الوقود والكهرباء العام الماضي وستتزامن مع مراجعة جديدة هذه السنة، والتي تعد الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الماء من التبذير ستخلف تعريفتين: الأولى تطبق على صغار المستهلكين أي عند عدم تجاوز الاستهلاك سعة معينة، والتعريفة الثانية تطبق على المستهلكين الكبار كالمصانع وغيرها، الأمر الذي سيوفر حماية للفئات الهشة وأصحاب الدخل الضعيف.
مراجعة تسعيرة الماء شكلت مطلبا في العديد من المناسبات بالنسبة للجزائرية للمياه التي لم تخف أن 58 بالمائة من الماء الذي يوزع في الجزائر سنويا يضيع بسبب القنوات المهترئة أو بسبب الربط غير القانوني لبعض البيوت أي سرقة الماء فيما لا تتعدى الكمية المفوترة نسبة 42 بالمائة، وهي نسبة لا تغطي مداخيلها سوى نسبة صغيرة جدا من كلفة هذه المادة والتي تقدر كلفة إنتاج المتر المكعب منها ما بين 60 و80 دينارا، في حين تصل للمستهلك بسعر 18 دينارا فقط على اعتبار أنها من المواد التي تخضع للدعم وتدخل ضمن التحويلات الاجتماعية التي تخصص لها الحكومة سنويا قرابة 1800 مليار دينار أي حوالي 180 ألف مليار سنتيم، وتبلغ قيمة تحويل المتر المكعب من الماء من عين صالح إلى تمنراست 70 دينارا، بينما تقدر قيمة المتر المكعب للماء المحلى من البحر 80 دينارا، وتعتبر هذه الأخيرة أحد مصادر الماء الشروب في الجزائر، وترتفع تكلفة المتر المكعب مع ارتفاع سعر الطاقة بـ20 بالمائة والمازوت بحوالي 40 بالمائة،
وبحسب مصادرنا فالاحتياطات المائية للجزائر تقدر بـ17 مليار متر مكعب، إلا أن هذا المخزون أو الإحتياط من الماء مهدد بفعل التغيرات المناخية، وهي الكمية التي تعتزم الجزائر حسب مخططاتها المحافظة عليها إلى غاية سنة 2115، أي بعد قرن ولكن احتياجات المياه الصالحة للشرب للري والصناعة ترتفع الأمر الذي يملي ضرورة مراجعة التسعيرة على هؤلاء لتغطية جزء من الكلفة الحقيقية.