أخلط " أصحاب المهن الشاقة" أوراق الحكومة التي تتجه نحو إلغاء التقاعد المسبق لتجنيب الصندوق الوطني للتقاعد من الإفلاس، حيث طالب هؤلاء باستثنائهم من القرار، عن طريق إصدار مرسوم يسمح بتطبيق المادة 7 من القانون 83-12، والذي ينص: "يستفيد العمال الذين يعملون في مناصب تتميز بظروف على قدر خاص من الضرر من المعاش، قبل بلوغهم السن المنصوص عليها في المادة 6 أعلاه وتحدد قائمة المناصب المشار إليها أعلاه وكذا الأعمار المناسبة والمدة الدنيا الواجب قضاءها في هذه المناصب بموجب مرسوم".
وقال الأمين العام للفيدرالية الوطنية المتقاعدين، بوكريس اسماعيل، أمس، في اتصال بـ"الشروق" إن الحكومة مطالبة في ظل الظروف المالية الصعبة بإلغاء التقاعد المسبق لتجنيب الصندوق الوطني للتقاعد من الإفلاس، مشيرا إلى "أن هذا القرار صائب، خاصة وأن الصندوق لن يكون قادرا في حال لم يتخذ هذا القرار على الصمود وسيكون عاجزا على تقديم منحة لما يقارب 3 ملايين جزائري، وهنا ستكون كارثة حقيقة وستتحول الجزائر إلى اليونان ".
وقال محدثنا إنه من بين 10 عمال يحال 7 على التقاعد المسبق وهذا أمر غير عادل في نظره، معتبرا "صحيح قد يكون من التقدم الاجتماعي منح التقاعد في سن 50 وحتى 60 سنة لكن هناك أيضا مصطلح "تضامن الأجيال" وهذا ما يجب تطبيقه حاليا خاصة في ظل هذه المرحلة التي تمر بها البلاد.
لكن بمقابل ذلك يرى بوكريس اسماعيل مطلب استثناء بعض المهن من الغاء التقاعد المسبق منطقي جدا ولا يقتصر على الجزائر فقط، مشيرا إلى أن هذا البند موجود في القانون 83 - 12 ويبقى فقط إصدار مرسوم خاص به حتى يدخل حيز التنفيذ.
من جهته، يرى البروفسور ورئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، مصطفى خياطي، أن التركيبة الجسمانية من تتحكم في قدرة الشخص على العمل أو لا، مشيرا إلى أن الحياة العصرية ساهمت في تأقلم الجسم مع متطلبات العمل، والظروف تغيرت مقارنة بالسنوات الفارطة فلم يعد حسبه عمال يشتغلون دون انقطاع كما كان في السابق.
وكان خبراء اقتصاديون قد حذروا من تداعيات إلغاء التقاعد المسبق خاصة إذا لم يتم استثناء بعد المهن خاصة الشاقة منها، على غرار الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، الذي قال في حديث لـ "الشروق" أنه لا بد من التفريق بين المهن المريحة والشاقة كعمال المناجم والصناعات الميكانيكية التي تطلب جهدا بدنيا كبيرا، ومن المنطقي أن تستفيد الفئة الثانية من سن تقاعد أقل، في حال قضاء 30 سنة عمل ، فهؤلاء حسب، مبتول، يخضعون في فرنسا لنظام خاص على خلاف باقي العمال ويتوجب على الحكومة إعادة النظر في قراراتها.
وكان إقدام الحكومة على إلغاء التقاعد النسبي خلال لقاء الثلاثية المنعقد قبل أيام قد أثار حفيظة بعض العمال خاصة أولئك العاملين في حقول النفط والغاز وكذلك الصناعات الميكانيكية خاصة في المنطقة الصناعية للرويبة بالعاصمة "سوناكوم" الذين طالبوا المسؤولين باستثنائهم، والعدول عن قراراتها في ظل الظروف الصعبة التي يعملون فيها.