الجواب:
فما دمنا في استقبال شهر رمضان المبارك؛ شهر الصوم والقيام وقراءة القرآن، فإني أوجه النصيحة إلى إخواننا المسلمين أن ينتهزوا فرصة هذا الشهر المبارك؛ بكثرة الأعمال الصالحة المبنية على الإخلاص لله تعالى، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من الصلاة والصدقة وحرص الصوم عما ينقضه أو ينقصه، والإحسان إلى الخلق، فإن الله سبحانه وتعالى يحب المحسنين، وأحثهم على البعد عن معاصي الله سبحانه وتعالى من القول المحرم أو الفعل المحرم ولا سيما في أيام الصوم؛ لأن الحكمة من فرضية الصيام؛ هي تقوى الله عزَّ وجلَّ كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». وأحثهم على تجنب ما يفعله كثير من الناس في هذا الشهر المبارك، حيث يجعلون لياليه ظرفاً للهو، وإضاعة الوقت، ويجعلون أيامه ظرفاً للنوم والكسل عن الخيرات وفعل الطاعات، لا سيما وإنه في هذا العام عام إحدى عشرة ومائة وأربعمائة وألف سيكون الجو مناسباً جداً، حيث إنه في مقتبل فصل الربيع سيكون الصوم سهلاً من أجل لطافة الجو والنهار قصيراً، وهذا يعين المرء على إتقان الصوم، وعلى الجد في فعل الخيرات، وترك المنكرات، أما بالنسبة إلى الجواب عن سؤال السائل فإن السائل يسأل عن الإبر والحقن والقطرات وما أشبهها؛ ويعني هل هي تفسد الصوم أم لا؟ فنقول: إن هذه القطرات التي تقطر في العين أو الأذن، وكذلك الإبر، وكذلك الحقن كلها لا تفطر، وذلك لأن الأصل بقاء الصوم وصحته حتى يقوم دليل من الشرع من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع المسلمين، أو القياس الصحيح على ما ثبت بذلك على أن هذا الشيء مفسد للصوم، وهذه الأشياء التي ذكرها السائل لا دليل على أنها تفسد الصوم لا من الكتاب ولا السنة ولا الإجماع ولا قياس صحيح، بل هي ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب وإذا لم تكن أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب فإنها لا تفسد الصوم؛ لأن الذي يفسد الصوم هو الأكل والشرب، وما دل الدليل على أنه يفسده مما سواء ذلك وليس هذه الأشياء أكلاً ولا شرباً، وهي أيضاً ليست بمعنى الأكل والشرب فهي لا تقوم مقامه، وإذا لم يتناولها اللفظ؛ أعني لفظ النص بالدلالة اللفظية ولا بالدلالة القياسية فإنها لا تدخل في ما جاء به النص، وعلى هذا يجوز للصائم سواء كان صومه فرضاً، أم نفلاً أن يقطر في عينيه وأن يقطر في أذنيه، وأن يستعمل الإبر، لكن إذا كانت الإبر مغذية بحيث يستغنى بها عن الأكل والشرب فإنها تفطر؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب وما كان بمعنى المنصوص عليه فله حكمه؛ لأن الشارع لا يفرِّق بين متماثلين كما لا يجمع بين متفرقين.