شرعت الوكالات الولائية للتشغيل عبر العديد من مناطق الوطن في تسريح الآلاف من "الطلبة/الموظفين" بالإدارات والمؤسسات العمومية، وذلك بحجة أنهم يزاولون دراستهم الجامعية ويستفيدون في ذات الوقت من امتياز عقود التشغيل الموجه للخرّجين العاطلين عن العمل.
وفي هذا السياق، علمت "الشروق" من مصادر مؤكّدة، أنّ الوكالة الولائية للتشغيل بولاية سيدي بلعباس مثلا، قد أنهت عقود نحو 900 موظّف بصيغة من هذه الفئة، وذلك طبقا لتعليمة وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، وهو القرار الذي جاء صادما عشيّة حلول شهر رمضان.
وبناء على مراسلات ما بين الوكالة الولائية للتشغيل "أنام" والمؤسّسات الجامعية بخصوص الموظّفين بصيغة عقود ما قبل التشغيل بمختلف المؤسّسات العمومية والخاصّة بولاية سيدي بلعباس، تمّ تحديد قائمة 900 موظّف، تبيّن أنّهم يزاولون دراستهم الجامعية موازاة مع عملهم أغلبهم في طور الماستر، ليتقرّر توقيفهم استنادا إلى تعليمة وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، التي تلقّتها مختلف وكالات التشغيل خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي تقتضي توقيف كلّ موظّف يثبت أنّه يدرس بالجامعة، أي تخيير الموظّفين ما بين العمل أو الدراسة، ويجري خلال هذه الأيّام توقيف المعنيين بمختلف الولايات تدريجيا.
وذكرت مصادر "الشروق"، أنّ المئات تفاجؤوا بقرارات التوقيف بعد استفسارهم عن أسباب تأخّر صبّ الأجور، ليستفسروا من الوكالة الولائية "أنام"، أين كان تبرير التوقيف بالتعليمة الوزارية، فيما ينتظر أن يتّم تبليغ البقيّة خلال الأيّام القليلة المقبلة.
هذا القرار جاء صادما حسب المعنيين، خصوصا أنّه تزامن مع نهاية السنة الجامعية، حيث لم تعد تفصل إلاّ بضعة أسابيع عن تخرّج بعض المعنيين، لكنّ البطاقية الجامعية وقاعدة البيانات فضحت تمدرسهم وعجّلت بتوقيفهم من مناصب شغلهم، منهم من لم يستلم عمله إلاّ هذه السنة، أي أنّه لم يكمل مدّة العقد، كما استنكر عمّال ما قبل التشغيل، التعليمة الوزارية التي حطّمت آمالهم في الشغل وكسر حاجز البطالة، حتّى ولو كان بأجر زهيد رضوا به على أمل التثبيت في المنصب أو اكتساب الخبرة على الأقّل، ويرى هؤلاء أنّ العديد من مسابقات التوظيف المفتوحة تشترط شهادات جامعية لا تقّل عن الماستر، فيما تمنعهم الوزارة من الدراسة بالجامعة، وتسمح في نفس الوقت للدائمين بذلك، وهو ما معناه وضع عراقيل في مسارهم المهني ودفعهم نحو مستقبل مجهول، والأمرّ أنّ هناك من كان يعيل عائلته بهذا الدخل الشهري ليتّم توقيفه فجأة عشيّة حلول شهر رمضان، وفي فترة تعرف غلاء في الأسعار وانهيارا في القدرة الشرائية.
وطالب عمّال ما قبل التشغيل رئيس الجمهورية والوزير الأوّل عبد المالك سلال بالتدخّل العاجل، لوقف سريان تعليمة وزارة العمل على اعتبار أنّها سترفع نسبة البطالة.
وتأتي هذه التعليمة الجديدة من دائرة الغازي الوزارية، تكملة لنظيرتها الصادرة قبل أسابيع عن مديرية الوظيف العمومي، والقاضية بتسريح الأعوان المتعاقدين في حال عدم تجديد إثبات وضعيتهم تجاه الخدمة الوطنية، ما أدّى إلى إحالة الآلاف منهم على رصيف البطالة، وتندرج هذه الإجراءات التنظيمية ضمن سياسة التقشف التي لجأت إليها الحكومة للتقليل من النفقات العمومية، بينما كانت في وقت سابق زمن البحبوحة المالية، تغضّ الطرف، متساهلة في كثير من الشروط الإدارية للاستفادة من الحقوق بهدف شراء السلم الاجتماعي، لكنها اليوم تجد نفسها تحت مطرقة العجز المالي، مكرهة على تطبيق القانون بأثر رجعي، رغم آثاره السلبية على معيشة المواطنين، بينما طالب "الضحايا" مرارا وتكرارا بترسيمهم وإدماجهم في مناصبهم، غير أن الأزمة المالية نسفت أحلامهم، ليجدوا أنفسهم اليوم في طابور البطالة الإجبارية.