بينما يقف بعض الساسة الفرنسيين موقف غير المصدّق والمتحسّر على ضياع حلم "الجزائر فرنسية" غير مكترثين بفضائح دولتهم الاستعمارية، يبرز فرنسيون آخرون على النقيض من ذلك، ومنهم الممثل، الكوميدي الشهير، جيرار دوبارديو، الذي عبّر عن شعوره بـ"العار" لكونه فرنسيا.
دوبارديو وفي كلمة له في فعاليات مهرجان "كان" السينمائي، قال: "إنه لمن الجميل تقاسم كل ما يشير إلى آلام هؤلاء الجزائريين، وكل أولئك الذين أرسلوا إلى الهند الصينية"، في إشارة إلى أولئك الجزائريين الذين جندوا بالقوة من قبل الجيش الاستعماري للقتال في صفوفه ضد الثورة في الفيتنام. ومضى السينمائي الفرنسي الشهير يقول: "لأجل ذلك، أشعر بالعار لكوني فرنسيا ".
الكوميدي الفرنسي الذي اختار في وقت سابق ترك بلاده والإقامة في روسيا، أدلى بهذا التصريح المثير أمام العشرات من كبار صناع ومشاهير السينما في العالم الذين حجّوا للجنوب الفرنسي منذ الأربعاء الفارط، وهو ما يجعل من وقع هذا التصريح شديدا على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وغيره من أنصار اليمين واليمين المتطرف ومن يقف وراءهم من الأقدام السوداء والدوائر المرتبطة بالحركى.. وحتى اليسار الحاكم الذي طلّق موقعه المعهود واختار اللحاق بالركب على غير عادته.
ويكمن ثقل تصريح الممثل الفرنسي في رمزية قائله، فـ"دوبارديو" ليس رجلا سياسيا يغمره طموح جامح، ما قد يدفع إلى فهم كلامه على أنه مغازلة لدولة لها جالية مقيمة بفرنسا تعد بالملايين قادرة على قلب موازين القوى في أي استحقاق انتخابي، بقدر ما صدر عن رجل فن وسينما يدرك معنى صور الحرب في الفن السابع.
ويعتبر دوبارديو من بين الفرنسيين القلائل الذين "تمرّدوا" على الموجة المتنامية المعادية للجزائر داخل الأوساط الفرنسية خلال الأسابيع الأخيرة، التي وظفت فيها الكثير من الأسلحة وشملت العديد من الأبعاد، السياسية منها والتاريخية وحتى الدينية، الأمر الذي قد يدفع بعض المتطرفين إلى اعتبار ما قام به دوبارديو، طعنة في ظهر هذه الحملة.
وكان آخر تصريح معاد للجزائر، هو ذلك الذي صدر عن نيكولا ساركوزي المرشح المفترض لليمين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام المقبل، ورئيس حزب الجمهوريين (الاتحاد من أجل حركة شعبية سابقا)، بحيث ذهب إلى اعتبار الجزائر تشكل خطرا على أوروبا، بسبب تداعيات تراجع أسعار النفط الذي يعتمد عليه الاقتصاد المحلي بصفة كلية، على حد زعمه.
ولم يكن تصريح ساركوزي هذا مجرد مقاربة وتشريحا لوضع قائم، بقدر ما كان استفزازا لشعب سفّه أحلام من حملوا ولا زالوا يحملون ويدافعون عن الأفكار التي يدافع عنها الحالم بالعودة مجددا إلى سدة قصر الإيليزي.