هناك وفي شدة الحر ، وفي عناء السفر ، تتم بيعة الرضوان ، بين أولئك النفر من الصحابة وبين الرسول صلى الله عليه وسلم .
إنها بيعة الرضوان ، ويكفيك اسمها " الرضوان ".
تحت الشجرة يتقدم الصحابة ليصافحوا بأيديهم يد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويؤكدوا له البقاء في مناصرته والثبات معه، وفي الرواية أنهم بايعوه على الموت .
عبارة شديدة " على الموت " نعم نموت دفاعاً عنك يارسول الله .. هكذا الحب وهكذا التضحيات .
إن حياتهم لاشيء لولا وجود محمد عليه الصلاة والسلام فكيف لا يبايعونه ؟!.
إنه سر سعادتهم فكيف لا يبايعونه ؟! .
إنه الروح الذي تجري في أرواحهم .
يتقدم الأول والثاني وهكذا حتى ينتهي ذلك العدد وهم نحو ١٤٠٠ رجل .
وحينما تمت المبايعة ينزل الوحي معلناً الرضا الرباني لتلك الفئة الطاهرة " لقد رضي الله " لقد تم وانتهى ونزل الرضا لكم أيها الجيل النقي التقي .
يا ترى كيف تلقى ذلك الجيل هذا الخبر السماوي ؟ .
كيف استمعوه .. أنت بذاتك يافلان رضي الله عنك .
لقد تمت المبايعة وتم الرضوان .
إنها لحظات النصرة للدين التي نستجلب بها رضا الرب الكريم .
إن المكان تحت شجرة ، إنه ليس قصر ولاقاعة احتفالات ولامركزاً للمؤتمرات ،إننا حينما نعمل مع الله وفي خدمة دينه لايهم طبيعة المكان ولاجماله ، المهم أن نعمل لله .
((فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ))[الفتح:18] هذا هو السر الذي رفع شأنهم واستنزلوا به رضا الرب لهم ، إنهم تحت شجرة ، ولكن قلوبهم تجاوزت حدود الدنيا وتعلقت بالآخرة وأرادت الله وحده . يا الله ماهذه القلوب ؟
لقد رأى الله قلوبهم واحداً واحداً ولم ير من واحدٍ منهم شيئاً يداخله خلل، " قلوبهم " الآية تتحدث عن الجميع لا عن فرد منهم .
أي جيل كان ذاك الجيل ، لقد اتفقوا في المكان وقبل ذلك اتفقت قلوبهم على الصدق مع الله والتضحية بكل شيء لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أيُّ حبٍ سكن في قلوبهم ، أي جمال ، أي جلال ، ماهذه العظمة ..
وكانت النتيجة لذلك الصفاء القلبي (( فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ))[الفتح:18].
لقد توالت على ذلك الجيل في تلك الدقائق التي كانت تحت الشجرة نعماً جليلة ،فأولاً : رضي الله عنهم .
ثانياً : أنزل السكينة عليهم .
ثالثاً : وأثابهم فتحاً قريباً . وهو فتح خيبر بعد صلح الحديبية .
وفي ختام تلك الجولة ، وبعد عناء تلك الرحلة ، يعود ذلك الجيل الطيب الرضي ، بهذه المنح الربانية التي لم يكونوا سينالونها لولا الصدق مع الله .