تعيش عائلة بياضي بيوض البالغ من العمر 69 سنة، راع ومتزوج من امرأتين، له أربعة أولاد أكبرهم متخلف ذهنيا، داخل مغارة بجبل فوناسة بإقليم بلدية جنين بورزڤ جنوبي النعامة لمدة تجاوزت الـ15 سنة.
حياة عمي بياضي رفقة زوجتيه وأبنائه داخل هذه المغارة لا تختلف عنها في العصر الحجري القديم، في ظروف أكثر من صعبة ومكان يفتقر لأدنى شروط العيش الكريم، لا إنارة ولا غاز ولا تهوية ولا شروط صحية.
أما ابنتاه اللتان تدرسان بإحدى المدارس الابتدائية الداخلية بمدينة العين الصفراء، فلا تزوران العائلة إلا في العطل الفصلية، وأحيانا خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ورغم هذه الوضعية الاجتماعية البائسة التي تدعو إلى الشفقة، إلا أن عمي بياضي فضل أن يظل بعيدا عن الأضواء، يقضي يومياته في جمع الحطب من الجبل الذي اختار الإقامة به مستعينا بركوب حمار وتتبع ماشيته، أما ليلا فتستعين عائلته بأضواء الشموع لإنارة الظلمة الحالكة داخل هذا الكهف البارد شتاء والحار صيفا.
ومن خلال هذه الخرجة لم يطالب عمي بياضي سوى بخيمة يراها أحسن وأفضل بكثير من هذه المغارة، في انتظار إسكانه بإحدى قرى بلدية جنين ليحافظ على نشاطه وينقذ عائلته من البؤس والشقاء وعذاب الكهف الذي جعلهم يستحقون بامتياز صفة المعذبين في الأرض.
وفي الوقت الذي تؤكد مصادرنا أن عمي بياضي في حاجة إلى مساعدة والتفاتة المسؤولين، تحدث رئيس بلدية جنين بورزڤ، بوسماحة، في اتصال بـ”الخبر”، في الاتجاه المعاكس، عندما أشار إلى أن ساكن المغارة مستفيد من مسكن ريفي في قرية بلقراد بتراب بلدية صفيصيفة، غير أنه رفض السكن به لقناعات خاصة جعلته، حسب مصدرنا، متمسكا بنشاط تربية الماشية نواحي المغارة التي يسكنها منذ عدة سنوات، مؤكدا أنه زاره عدة مرات رفقة قافلة صحية، وفي مرات أخرى برفقة ممثلين عن مديرية النشاط الاجتماعي لتفقد ابنه المعوق ذهنيا، يقول رئيس بلدية جنين.
وحتى وإن تأكدت هذه التبريرات، فإن عائلة عمي بياضي في حاجة إلى رعاية وتدخل الجهات الوصية لمنحه خيمة على أقل تقدير، ينصبها بعيدا عن المغارة التي لا تحمل سوى معالم البؤس والشقاء وحياة البداوة الضاربة في القدم.